للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحديثٍ عنه وأمرٍ شديدٍ، فدعاه رسولُ اللَّهِ ، فإذا هو يحلِفُ ويتبرأُ مِن ذلك، وأقبَلت الأنصارُ على ذلك الغلامِ، فلاموه وعذَلوه، وقيل لعبدِ اللَّهِ: لو أتَيْتَ رسولَ اللَّهِ . فجعَل يُلَوِّي رأسَه. أي: لستُ فاعلًا، وكذَب علي، فأَنْزَل اللَّهُ ما تَسْمَعون.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ﴾، قال: عبدُ اللَّهِ بنُ أبيٍّ، قيل له: تَعالَ يستغفرْ لك رسولُ اللَّهِ . فلوَّى رأسَه، وقال: ماذا قلتُ؟ (١)

حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ، قال: قال له قومُه: لو أتَيْتَ النبيَّ فاستغفَر لك. فجعل يُلَوِّي رأسه، فنزَلَت فيه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ﴾ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : سواءٌ يا محمدُ على هؤلاء المنافقين الذين قيل لهم: تعالَوْا يستغفرْ لكم رسولُ اللَّهِ. أستغفرت لهم ذنوبَهم، ﴿أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾. يقولُ: لن يصفحَ اللَّهُ لهم عن ذنوبِهم، بل يُعاقِبُهم عليها، ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾. يقولُ: إن اللَّهَ لا يُوفِّقُ


(١) تفسير مجاهد ص ٦٦١، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٢٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٩٤ عن معمر به ومن طريقه ابن بشكوال في غوامض الأسماء ٢/ ٧٦٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٢٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.