للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ تعالى ذكره: واتَّقوا أيُّها القومُ عقابَ ربِّكم الذي خَلَقَكم وخَلَق الجِبِلَّة الأَوَّلين يعنى بالجِبلَّةِ الخَلْقَ الأوَّلِين.

وفي الجِبِلَّةِ للعربِ لغتان؛ كسرُ الجيمِ والباءِ وتشديدُ اللامِ، وضَمُّ الجيمِ والباءِ وتشديدُ اللام، فإذا نُزِعَت الهاءُ من آخِرها كان الضمُّ في الجيمِ والباءِ أكثرَ، كما قال جلّ ثناؤُه: (ولقد أضَلَّ منكم جُبُلًا كَثِيرًا) (١). وربما سَكَّنوا الباءَ من "الجبل"، كما قال أبو ذُؤَيبٍ (٢):

مَنايا يُقَرِّبْنَ الحُتُوفَ لِأَهْلِها … جهارًا ويَسْتَمْتِعْنَ بالأَنَسِ الجبْلِ

وبنحوِ ما قلنا في معنى "الجِبِلَّةِ" قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ﴾. يقولُ: خَلْقَ الأَوَّلِين (٣).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ﴾. قال: الخَلِيقةَ (٤)

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَالْجِبِلَّةَ


(١) سيأتي الكلام عن هذه القراءة في ١٩/ ٤٧٢.
(٢) ديوان الهذليين ١/ ٣٨.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨١٣ من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٣ إلى ابن المنذر.
(٤) تفسير مجاهد ص ٥١٣، ومن طريقه أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٨١٣، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٩٣ إلى الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر.