للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول تعالى ذكرُه: لقد رضي الله يا محمد عن المؤمنين بك ﴿إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾. يعنى: بيعةَ أصحاب رسول الله رسول الله بالحديبيةِ حين بايعوه على مُناجزة قريشٍ الحرب، وعلى ألا يَفِرُّوا ولا يُوَلُّوهم الدُّبُرَ ﴿تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾. وكانت بيعتُهم إياه هنالك فيما ذُكر تحتَ شجرةٍ.

وكان سبب هذه البيعة ما قيل: إن رسول اللهِ كان أَرْسَل عثمانَ بن عفانَ برسالةٍ إلى الملأِ من قريشٍ، فأبْطَأ عثمان عليه بعض الإبطاءِ، فظنَّ أنه قد قُتِل، فدعا أصحابه إلى تجديد البيعة على حربهم على ما وصفتُ، فبايعوه على ذلك، وهذه البيعةُ التي تُسَمَّى بيعةَ الرِّضوانِ. وكان الذين بايعوه هذه البيعة فيما ذُكر في قول بعضهم ألفًا وأربعمائةٍ. وفى قول بعضهم ألفًا وخمسمائةٍ. وفى قول بعضهم ألفًا وثلاثمائة.

ذكرُ الرواية بما وصفنا مِن سبب هذه البيعة

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن محمد بن إسحاق، قال: ثنى بعضُ أهل العلم، أن رسول الله دعا خراش بن أمية الخُزاعيَّ، فبعثه إلى قريشٍ بمكةَ، وحمله على جملٍ له يقال له: الثعلبُ. ليُبَلِّغَ أشرافهم عنه ما جاء له، وذلك حين نزل الحديبية، فعقروا به جمل رسول الله ، وأرادوا قتله، فمنَعَتْه الأحابيش، فخلَّوا سبيله، حتى أتى رسولَ اللهِ (١).

قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فحدَّثنى مَن لا أَتَّهِمُ، عن عكرمة مولى ابن عباس، أن رسول الله دعا عمر بن الخطابِ ليَبْعَثَه إلى مكةَ، فيُبَلِّغَ عنه أشرافَ قريشٍ ما جاء له، فقال: يا رسول اللهِ إنى أخافُ قريشًا على نفسى، وليس


(١) سيرة ابن هشام ٢/ ٣١٤، وأخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٦٣١.