للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أسباطُ، عن السُّدِّي: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ﴾: أما الموعظةُ فالقرآنُ، وأما ﴿مَا سَلَفَ﴾: فلَه ما أكَلَ من الرِّبا (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦)﴾.

يَعنِي بقولِه جلَّ ثناؤه: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾: يَنقُصُ اللهُ الرِّبا فيذْهِبُه.

كما حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، قال: قال ابن عباسٍ: ﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا﴾. قال: يَنقُصُ (٢).

وهذا نَظِيرُ الخبر الذي رُوى عن عبدِ اللهِ بن مسعودٍ، عن النبيِّ أنه قال: "الرِّبا وإن كَثُرَ فإلى قُلٍّ" (٣).

وأما قولُه جل ثناؤه: ﴿وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾. فإنه تعالى ذكرُه يعْنى: أنه يُضاعِفُ أجرَها لرَبِّها، ويُنمِّيها له.

وقد بيَّنا معنَى الرِّبا قَبلُ، والإرباءِ، وما أصلُه، بما فيه الكفايةُ من إعادَتِه.

فإن قال قائلٌ: وكيفَ إرباءُ اللهِ الصدقاتِ؟

قيل: إضعافُه الأَجْرَ، لربِّها، كما قال: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ﴾


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٥٤٥، ٥٤٦ (٢٨٩٤)، عقب الأثر (٢٨٩٨) من طريق عمرو بن حماد به.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٣٦٥ إلى المصنف وابن المنذر.
(٣) القل: القلة، كالذل والذلة، أي أنه وإن كان زيادة في المال عاجلا فإنه يؤول إلى نقص. ينظر النهاية ٤/ ١٠٤.
والحديث أخرجه أحمد ٦/ ٢٩٧، ٧/ ١٢٦ (٣٧٥٤، ٤٠٢٦)، وابن ماجه (٢٢٧٩)، والحاكم ٢/ ٣٧، ٤/ ٣١٧، والطبراني (١٠٥٣٨، ١٠٥٣٩).