للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأمرُ أمْرِى، والخَلَقُ خَلْقِي، أقْضِى فيهم ما أشاءُ، وأسْتَعْبِدُهم بما أريدُ، ليسَ لأحدٍ منهم أنْ يَعترضَ في حُكْمِيِ، ولا أنْ يُخالفَ أمْرِى، وإنما عليهم طاعتِى والتَّسْليمُ الحكمِي.

ثم قال جلّ ثناؤُه: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى﴾. يعْنى بالموعظَةِ التذكيرَ والتخويفَ الذي ذكَّرهم وخوَّفَهم به في آيِ القرآنِ، وأوْعدَهُم على أكلِهم الرِّبا مِن العقابِ. يقولُ جلَّ ثناؤُه: فمن جاءَه ذلكَ، ﴿فَانْتَهَى﴾ عن أكْلِ الرِّبا، وارْتَدعَ عن العملِ به، وانزَجرَ عنه، ﴿فَلَهُ مَا سَلَفَ﴾، يعْني: ما أكلَ وأخذَ، فمضَى قبلَ مجيءِ الموعظةِ والتحريمِ من ربِّه في ذلك، ﴿وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ﴾، يَعنى: وأمْرُ آكلِه [إلى اللهِ] (١) بعد مَجيئِه الموعظةُ من ربِّه والتحريمُ، وبعدَ انتهاءِ آكِلِه عن أكْلِه، ﴿إِلَى اللَّهِ﴾ في عِصْمتِه وتوفيقِه، إن شاءَ عصَمه عن أكْلِه، وثَبَّتَه في انتهائِه عنه، وإِن شاءَ خَذَله ذلك، ﴿وَمَنْ عَادَ﴾، يقولُ: ومن عادَ لأكْل الرِّبا بعدَ التحريمِ، وقال ما كان يقولُه قَبلَ مجيءِ الموعظةِ من اللهِ بالتحريمِ من قولِه: ﴿إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا﴾، ﴿فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾: يعْنى ففاعِلُو ذلك وقائِلُوه هم أهلُ النارِ، يعْنى نارَ جهنم، ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾، [يعني: دائمو البقاءِ فيها، لا يموتون فيها ولا يَخرُجون منها] (١).

وبنحوِ ما قُلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذِكرُ مَن قالَ ما قلنا في قولِه: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى﴾.

حدَّثني موسى بنُ هارونَ، قال: ثنا عَمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.