للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه لمعايشِكم (١)، وتتصرَّفوا فيه لمصالحِ دنياكم، وابتغاءَ فضلِ اللهِ فيه.

وجعَل جلَّ ثناؤُه النهارَ - إذ كان سببًا لتصرُّفِ عبادِه لطلبِ المعاشِ فيه - معاشًا، كما في قولِ الشاعرِ:

وأخو الهُمومِ إذا الهُمومُ تَحضَّرَت … جُنْحَ الظلامِ وِسادُه لا يَرْقُدُ

فجعل الوسادَ هو الذي لا يَرْقُدُ، والمعنى لصاحبِ الوسادِ.

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قوله: ﴿النَّهَارَ مَعَاشًا﴾. قال: يَبْتَغون فيه من فضلِ اللهِ (٢).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا (١٢) وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا (١٣) وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا (١٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ﴾: وسَقَّفْنا فوقَكم. فجعَل السقفَ بناءً، إذ كانت العربُ تُسَمِّى سقوفَ البُيوتِ (٣) - وهى سماؤُها - بناءً، وكانت السماء للأرضِ سُقُفًا، فخاطَبهم بلسانِهم، إذ كان التنزيلُ بلسانِهم، وقال: ﴿سَبْعًا شِدَادًا﴾. إذ كانت وِثاقًا محكَمةَ الخلقِ، لا صُدوع فيهنَّ ولا فُطورَ، ولا يُبْلِيهن مَرُّ الليالي والأيامِ.

وقولُه: ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَجَعَلْنَا سِرَاجًا﴾. يعنى بالسراجِ الشمسَ. وقولُه: ﴿وَهَّاجًا﴾. يعنى: وقَّادًا مُضيئًا.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في م: "لمعاشكم".
(٢) تفسير مجاهد ص ٦٩٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٠٦ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٣) في م: "البيت".