للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشريعتَكم جميعًا يومَ االقيامةِ، من حيثُ كنتم من بقاعِ الأرضِ، حتى يوفِّيَ (١) المحسنَ منكم جزاءَه بإحسانِه، والمسيءَ عقابَه بإساءتِه، أو يتفضّلَ فيصفَحَ.

وأما قولُه: ﴿إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فإنه تعالى ذكرُه يعني: إن اللهَ على جمعِكم - بعد مماتِكم - من قبورِكم إليه (٢)، من حيثُ كنتم [وكانت قُبورُكم] (٣)، وعلى غيرِ ذلك مما يشاءُ قادرٌ (٤)، فبادِرُوا خُروجَ أنفسِكم بالصالحاتِ من الأعمالِ قبلَ مماتِكم، ليومِ بعثِكم وحشْرِكم.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٥) (١٤٩)﴾.

يعني جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ﴾ ومن أيِّ موضعٍ خرَجْتَ إلى أَيِّ موضعٍ وجَّهْتَ، فولِّ يا محمدُ وجهَك. يقولُ: حوِّلْ وجْهَك.

وقد دلَّلْنا على أن التَّوليةَ في هذا الموضعِ شطرَ المسجدِ الحرامِ، إنما هي الإقبالُ بالوجهِ نحوَه، وقد بينَّا مَعنى الشطرِ فيما مضَى (٦).

وأما قولُه: ﴿وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ فإنه يعني به جلَّ ثناؤه: وإن التوجُّهَ شطرَه لَلحقُّ الذي لا شكَّ فيه من عندِ ربِّك، فحافِظوا عليه، وأطِيعوا اللهَ بتوجُّهِكمِ (٧) قِبَلَه.


(١) في ص: "يؤتى".
(٢) سقط من: م.
(٣) سقط من: م.
(٤) في م، ت ٢: "قدير".
(٥) في ص: (يعملون). وهي قراءة أبي عمرو، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي بالخطاب. إتحاف فضلاء البشر ص ٩١.
(٦) ينظر ما تقدم في ص ٦٥٩.
(٧) في ص: "فتوجهكم"، وفي م، ت ٢: "في توجهكم".