للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والآخَرُ: على (١) ضميرٍ (٢) متروكٍ استِغْناءَ بدَلالةِ الكلامِ عليه، فيكونُ معنى الكلام: فقلنا: يا جبالُ أوِّبى معه وسخَّرنا له الطيرَ. وإن رُفِع ردًّا على ما في قولِه: سبِّحى. من ذكر الجبال كان جائزًا، وقد يجوز رَفْعُ الطير وهو معطوفٌ على الجبال، وإن لم يَحسُنْ نداؤُها بالذي نُودِيت به الجبالُ، فيكون ذلك كما قال الشاعر (٣):

ألا يا عمْرُو والضَّحَّاكَ سيرًا … فَقَدْ جاوَزْتُما خَمَرَ (٤) الطَّرِيقِ

وقولُه: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾. ذكر أنَّ الحديد كان في يديه كالطين المبلولِ يُصرِّفُه في يديه كيف شاء بغير إدخالِ نارٍ ولا ضربٍ بحديدٍ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدٌ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾: سخَّر الله له الحديد بغيرِ نارٍ (٥).

حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا ابن عَثْمَةَ، قال: ثنا سعيدُ بن بشيرٍ، عن قتادة في قوله: ﴿وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ﴾: كان يُسوِّيها بيدِه؛ لا يُدخِلُها نارًا، ولا يَضرِبُها بحديدةٍ (٦).

وقوله: ﴿أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾. يقولُ: وعهدنا إليه أن اعمل سابغاتٍ، وهى التوامُّ الكَوامِلُ مِن الدروعِ.


(١) في م، ت ٢، ت ٣: "فعل".
(٢) بعده في ت ١: "فعل".
(٣) البيت في معاني القرآن للفراء ٢/ ٣٥٥ غير منسوب.
(٤) الخمر ما واراك من شجر وغيره. تاج العروس (خ م ر).
(٥) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٢٧ عن معمر عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٢٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٦) ذكره الطوسى في التبيان، ٨/ ٣٤٥، وابن كثير في تفسيره ٦/ ٤٨٥.