يقولُ تعالى ذكرُه: ولقد تفَضَّلْنا على موسى وهارونَ ابنى عمرانَ، فجعَلْناهما نَبِيِّيْن،
ونجَّيْناهما وقومَهما مِن الغَمِّ، والمكروهِ العظيمِ الذي كانوا فيه، من عُبودةِ آلِ فرعونَ، ومما أَهْلَكْنا به فرعونَ وقومَه من الغرقِ.
وبنحوِ الذى قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ فى قولِه: ﴿وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾. قال: من الغرقِ.
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾، أي: من آلِ فرعونَ (١).
وقولُه: ﴿وَنَصَرْنَاهُمْ﴾. يقولُ: ونصَرْنا موسى وهارونَ وقومَهما، على فرعونَ وآلِه بتغريقِناهم، ﴿فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ﴾، لهم.
وقال بعضُ أهلُ العربيةِ: إنما أُرِيد بالهاءِ والميمِ في قولِه: ﴿وَنَصَرْنَاهُمْ﴾: موسى وهارونُ، ولكنها أُخْرِجَت على مخرجِ مُكَنَّى الجمعِ؛ لأن العربَ تَذْهَبُ بالرئيسِ؛ كالنبيِّ والأميرِ وشبهِه، إلى الجمعِ بجنودِه وأتباعِه، وإلى التوحيدِ؛ لأنه
(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٨٥ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.