للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾. اختَلَف أهلُ التأويلِ في الفتحِ القريبِ الذي جعَله اللهُ للمؤمنين، دون دخولهم المسجدَ الحرامَ محلِّقين رءوسِهم ومُقصِّرين؛ فقال بعضُهم: هو الصلحُ الذي جرَى بينَ رسولِ اللهِ وبينَ مُشرِكي قريشٍ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولِه: ﴿مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾. قال: النحرُ بالحُديبيةِ، ورجَعوا فافتَتَحوا خيبرَ، ثم اعتَمر بعدَ ذلك، فكان تصديقُ رؤياه في السنةِ القابلةِ (١).

حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن الزهريِّ قولَه: ﴿فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾. يعنى: صلحَ الحُديبيةِ، وما فُتِح في الإسلامِ فتحٌ كان أعظَمَ منه، إنما كان القتالُ حيث التَقَى الناسُ، فلمّا كانت الهدنةُ وُضِعت الحربُ، وأمِن الناسُ كلُّهم بعضُهم بعضًا، فالتقوا، فتفاوَضُوا في الحديثِ والمنازعةِ، فلم يُكَلَّمْ أحدٌ بالإسلام يَعْقِلُ شيئًا إلا دخَل فيه، فلقد دخَل في تَيْنك السَّنتَين في الإسلامِ مثلُ مَن كان في الإسلامِ قبلَ ذلك وأكثرُ (٢).

حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا﴾. قال: صلحَ الحُديبيةِ (٣).


(١) تفسير مجاهد ص ٦٠٩. ومن طريقه البيهقي في الدلائل ٤/ ١٦٤. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٨٠ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) أخرجه المصنف في تاريخه ٢/ ٦٣٨ عن ابن حميد به.
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٣٢٢.