للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتراكيبها، كما أنه أفاد من علماء اللغة الذين سبقوه إلى بيان مفردات القرآن؛ كيحيى بن زياد الفراء، وأبي عبيدة معمر بن المثنى، وسعيد بن مسعدة الأخفش، وعلي بن حمزة الكسائي، وأبي علي قطرب، والنضر بن شميل، وغيرهم (١)، وعلى الرغم من كثرة نقولاته في اللغة عن أبي عبيدة في "مجاز القرآن"، وإن لم يسمه في الغالب، فإنه يشتد عليه في النقد إذا خالفه، حتى إن نقده له يصل إلى حد وصمه بالغباء، كقوله: وقد زعم بعض أهل الغباء أن العرب كانت لا تعرف الرحمن ولم يكن ذلك في لغتها.

وكان الطبري لا يُجوِّز توجيه كلام الله إلا إلى الأغلب الأشهر من معانيه عند العرب، إلا أن تقوم حجة على شيء منه بخلاف ذلك، فيسلم لها، فلا يجوز صرف اللفظ عن ظاهره إلا بقرينة؛ وذلك لأن الله جل ثناؤه، إنما خاطبهم بما خاطبهم به؛ لإفهامهم معنى ما خاطبهم به.

وقد اتخذ الطبري اللغة مرجحًا له في تفضيل قراءة على قراءة، كما سيأتي.

[٣ - الاهتمام بالنحو]

اعتنى ابن جرير الطبري في تفسيره بالنحو عناية كبيرة، وأحكم تطبيق قواعده في تفسير القرآن إحكامًا يعكس طول باعه في هذا العلم، فقد جاء الطبري بعد أن بلغ علم النحو أقصى درجات النضوج؛ إذ أثمرت رحى الخلاف بين مدرستي البصرة والكوفة في المسائل النحوية استقرار قواعد هذا العلم ونضوجه، حتى إذا نضج وضع عصاه في بغداد، فاستقى الطبري من هذا النبع الصافي علمه بالنحو، إذ درَس آراء المدرستين حتى صار من أعلام هذا العلم، فاستعان في تأويل القرآن ببيان


(١) معجم الأدباء لياقوت ١٨/ ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>