للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابن بَشَّارٍ، قال: ثنا أبو عامرٍ، قال: ثنا قُرَّةُ، عن عَطِيةَ، قال: الفَتِيلُ: الذي في بَطْنِ النَّوَاةِ (١).

قال أبو جعفرٍ: وأصلُ الفَتِيلِ: المفتولُ، صُرِف عن (٢) "مفعول" إلى "فعيل"، كما قيل: صَريعٌ ودَهِينٌ. مِن مَصْروعٍ ومَدْهونٍ.

وإذ كان ذلك كذلك، فكان اللهُ جلَّ ثناؤُه إنما قصَد بقولِه: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾. الخبرَ عن أنه لا يظلِمُ عبادَه أقلَّ الأشياءِ التي لا خَطَرَ لها، فكيف بما له خَطَرٌ، [وكان] (٣) الوَسَخُ الذي يخرجُ مِن بين إصْبَعَى الرجل، أو مِن بين كَفَّيْهِ إِذا فَتَل إحداهما على الأخرى، كالذى هو في شَقِّ النواةِ وبَطْنِها، وما أشْبَه ذلك مِن الأشياءِ التي هي مَفْتولةٌ، مما لا خطرَ له ولا قيمةَ، فواجبٌ أن يكونَ كلُّ ذلك داخلًا في معنى الفَتيلِ، إلا أن (٤) يُخرج شيئًا مِن ذلك ما يجبُ التسليمُ له مما دلَّ عليه ظاهرُ التنزيلِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا﴾.

قال أبو جعفرٍ، : يعنى بذلك عز ذكرُه: انظُرْ يا محمدُ كيف يَفْتَرى هؤلاء الذين يُزَكُّون أنفسَهم مِن أهلِ الكتابِ، القائلون: نحن أبناء اللهِ وأحباؤُه، وإنه لن يَدخُلَ الجنةَ إلا مِن كان هودًا أو نصارى، الزاعِمون أنه لا ذنوبَ لهم، الكَذِبَ والزُّورَ مِن القولِ، فيَختَلِقونه على اللَّهِ، ﴿وَكَفَى بِهِ﴾. يقولُ: وحَسْبُهم بقِيلهم ذلك الكذبَ والزورَ على اللهِ جلَّ ﴿إِثْمًا﴾، لهم (٥)


(١) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٧٣ عقب الأثر (٥٤٣٦) معلقًا.
(٢) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "من".
(٣) في الأصل: "فكان".
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.