للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ﴾. فإن التاءَ مِن ﴿بَيَّتَ﴾. [بحركَتِها بالفتحِ، عليه] (١) عامةُ قرأةِ المدينةِ والعراقِ وسائرُ القَرَأةِ؛ لأنها لامُ الفعلِ (٢).

وكان بعضُ قرأةِ العراقِ يُسَكِّنها، ثم يُدْغِمُها في الطاءِ لمقارَبتِها في المَخْرَجِ (٣).

والصوابُ مِن القراءةِ في ذلك، تَرْكُ الإدغامِ (٤)، لأنهما، أعنى التاءَ والطاءَ مِن حرفَين مختلفين، وإذا كان ذلك كذلك كان تَرْكُ الإدغامِ أفصحَ اللغتَين عندَ العربِ، واللغةُ الأخرى جائزةٌ، أعنى الإدغام في ذلك، مَحْكِيَّةٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٨١)﴾.

قال أبو جعفرٍ، : يقولُ اللهُ جلَّ ثناؤه لمحمدٍ : فأعرضْ يا محمدُ، عن هؤلاء المنافقِين الذين يقولُون لك فيما تأمرهم به: أمرك طاعةٌ. فإذا برزوا مِن عندِك خالفوا ما أمَرْتَهم به، وغَيَّروه إلى ما نَهَيتَهم عنه، وخَلِّهم وما هم عليه مِن الضلالةِ، وارضَ لهم بى مُنْتَقِمًا منهم، ﴿وَتَوَكَّلْ﴾ أنت يا محمدُ ﴿عَلَى اللَّهِ﴾، يقولُ: وفَوِّضْ أمرَك إلى اللهِ، وثِقْ به في أمورِك، ووَلِّها إياه، ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾، يقولُ: وكَفاك اللهِ، أي: وحَسْبُك باللهِ وكيلًا، أي: [قيِّمًا بأمورِك] (٥)، ووَليًّا (٦) لها، ودافِعًا عنك وناصِرًا.


(١) في ص، س: "يحركها والفتح"، وفى، م، ت ٢، ت ٣: "تحركها بالفتح".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "فعل". وهى قراءة ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم والكسائي. السبعة في القراءات ص ٢٣٥.
(٣) هي قراءة أبي عمرو وحمزة. المصدر السابق.
(٤) كلا القراءتين صواب، فهما متواترتان، ومن أسباب الإدغام تقارب الحرفين، وهما هنا متقاربان.
(٥) في الأصل، ت ٢، ت ٣: "فيما بأمرك"، وفى م: "فيما يأمرك".
(٦) في الأصل: "ووليها".