حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ﴾ الآية: ذُكِر لنا أن رجلًا مِن المنافقين، قال: واللهِ إن هؤلاء الخيارُنا وأشرافُنا، وإن كان ما يقولُ محمدٌ حقًّا، لهم شرٌّ مِن الحَميرِ. قال: فسَمِعها رجلٌ مِن المسلمين فقال: واللهِ إن ما يقولُ محمدٌ حقٌّ، ولأنتَ شَرٌّ مِن الحمارِ. فَسَعَى بها الرجلُ إلى نبيِّ اللهِ ﷺ، فأرسَل إلى الرجال فدَعاه، فقال:"ما حَمَلك على الذي قلتَ؟ ". فَجَعَل يَلْتَعِنُ ويحلفُ باللَّهِ ما قال ذلك. قال: وجَعَل الرجلُ المسلمُ يقولُ: اللهمَّ صَدِّقِ الصادقَ وكذِّبِ الكاذبَ. فأنزَل اللهُ في ذلك: ﴿يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (١).
يقولُ تعالى ذكرُه: ألم يعلمْ هؤلاء المنافقون الذين يَحْلِفون باللهِ كذبًا للمؤمنين ليُرْضُوهم، وهم مُقيمون على النفاقِ، أنه مَن يُحاربِ الله ورسولَه، ويُخالفهما فيُناوِئْهما بالخلافِ عليهما، ﴿فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ﴾ في الآخرةِ، ﴿خَالِدًا فِيهَا﴾. يقولُ: لابِثًا فيها، مُقِيمًا إلى غيرِ نهايةٍ. ﴿ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ﴾. يقولُ: فلُبْثُه في نارِ جهنمَ وخلودُه فيها هو الهوانُ والذلُّ العظيمُ.
وقرأت القرآةُ: ﴿فَأَنَّ﴾ بفتحِ "الألف" مِن "أَنَّ"، بمعنى: ألم يَعْلَموا أَنَّ لَمَن حادَّ الله ورسولَه نارَ جهنمَ. وإعمالِ ﴿يَعْلَمُوا﴾ فيها، كأَنهم جَعَلُوا "أَنَّ" الثانيةَ مُكَرَّرةً على الأولى، واعْتَمَدوا عليها؛ إذ كان الخبرُ معها دونَ الأولى.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٢٨ من طريق يزيد به.