للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى الكلامِ أنَّ شُعَيْبًا قال لقومِه: أَتُخْرِجونَنَا مِن قَرْيَتِكم، وتَصُدُّونَنَا عن سبيلِ اللهِ، ولو كنا كارهين لذلك؟. ثم أُدْخِلَت ألفُ الاستفهامِ على واوِ (وَلَوْ) (١).

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (٨٩)﴾.

يقولُ جلَّ ثناؤُه: قال شعيبٌ لقومِه إذ دَعَوْه إلى العودِ في (٢) مِلَّتِهم والدخولِ فيها، وتَوَعَّدوه بطرْدِه ومَن تَبِعه مِن قريتِهم إن لم يَفْعَلْ ذلك هو وهم -: ﴿قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾. يقولُ: قد اخْتَلَقْنا على اللَّهِ كَذِبًا وَتَخَرَّصْنا عليه مِن القولِ باطلًا، إن نحن عُدْنا في مِلَّتِكم فرَجَعْنا فيها بعدَ إِذ أَنقَذَنا اللهُ منها، بأن بصَّرَنا خطأَها وصوابَ الهُدَى الذي نحنُ عليه، وما يكون لنا أَنْ نَرْجِعَ فِيها فَنَدِينَ بها ونَتْرُكَ الحقَّ الذي نحنُ عليه، ﴿إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا﴾: يقولُ: إلا أن يكونَ سبَق لنا في علمِ اللهِ أنَّا نعودُ فيها، فيَمْضِىَ فينا حينئذٍ قضاءُ اللَّهِ، وتَنْفُذَ مشيئتُه علينا، ﴿وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾. يقولُ: فإِنَّ عِلْمَ رَبَّنَا وَسِعَ كُلَّ شَيءٍ فأحاطَ به، فلا يَخْفَى عليه شيءٌ كان، ولا شيءٌ هو كائنٌ، فإن يكنْ سبَق لنا في علمِه أنّا نعودُ في مِلَّتِكم (٣)، فلا بُدَّ مِن أن يكونَ ما قد سبَق في علمِه، وإِلَّا فإِنَّا غيرُ عائدين في مِلَّتِكم.


(١) في م: "أولو".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "إلى".
(٣) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "فلا يخفى عليه شيء كان ولا شيء هو كائن".