للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّلَمَ طَلَبَ عَرَضِ الحياةِ الدنيا بالتوبةِ مِن قتلِكم إيَّاه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بن الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بن المُفَضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾. يقولُ: تاب اللهُ عليكم (١).

وأَوْلى التأويلين في ذلك بالصوابِ، التأويلُ الذي ذكَرْنا عن سعيدِ بن جُبيرٍ؛ لما ذكَرْنا مِن الدلالةِ على أن معنى قولِه: ﴿كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ﴾. ما وصَفْنا مِن (٢) قبلُ، فالواجبُ أن يكونَ عَقِيبَ ذلك: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ﴾. برفعِ ما كنتم فيه مِن الخوفِ مِن أعدائِكم عنكم بإظهارِ دينِه، وإعزازِ أهله، حتى أمْكَنكم إظهارُ ما كنتم تَسْتَخْفُون به، مِن توحيدِه وعبادتِه، حذارًا (٣) مِن أهلِ الشركِ.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ﴾.

قال أبو جعفرٍ، : يعنى جل ثناؤُه بقولِه: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ﴾: لا يَعْتَدِلُ المتخلِّفون عن الجهادِ في سبيلِ اللهِ من أهلِ الإيمانِ باللهِ وبرسولِه، المُؤْثِرون الدَّعَةَ والخَفْضَ والقعودَ في منازلِهم، على مقاساةِ حُزُونةِ (٤) الأسفارِ، والسيرِ في الأرضِ، ومشقَّةِ ملاقاةِ أعداءِ اللهِ بجهادِهم في ذاتِ اللهِ، وقتالِهم في طاعةِ اللهِ، إلا أهلُ العذرِ منهم بذَهَابِ أبصارهم، وغير


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ١٠٤٢ (٥٨٤٠) من طريق أحمد بن المفضل به.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في ص، م، ت ٢: "حذرًا".
(٤) في الأصل: "حروبهم". والحزونة: الخشونة. اللسان (ح ز ن).