للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحروفِ ومَعانِيها بالشَّواهِدِ على صحةِ ما قلْنا فيها، وبالإخْبارِ عمَّن قال فيها قولًا، فيما مضَى بما أغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (١).

وقد كان قتادةُ يقولُ في ذلك بما حدَّثنا به بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قولَه: ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ﴾: "الصادقين": قومٌ صدَقَت أفْواهُهم (٢)، واسْتَقامَت قلوبُهم وألْسنتُهم، وصدَقوا في السرِّ والعَلانيِة، و "الصابرين": قومٌ (٣) صبَروا على طاعةِ اللهِ، وصبَروا عن مَحارمِه، والقانِتون: هم المُطِيعون للهِ (٤).

وأما المُنْفِقون: فهم المُؤْتُونَ زَكَواتِ (٥) أموالِهم، وواضِعوها على ما أمَرهم اللهُ بإيتائها (٦)، والمُنْفِقون أموالَهم في الوجوهِ التي أذِن اللهُ لهم جل ثناؤُه بإنفاقِها فيها.

وأما ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ﴾ وسائرُ هذه الحروفِ، فمخفوضٌ ردًّا على قولِه: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا﴾. والخفضُ في هذه الحروفِ يَدُلُّ على أن قولَه: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ﴾. خفضٌ ردًّا على قولِه: ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ (١٧)﴾.

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في القومِ الذين هذه الصفةُ صفتُهم؛ فقال بعضُهم: هم المُصَلُّون بالأسْحارِ.


(١) ينظر ما تقدم في ٢/ ٤٦١، ٤/ ٣٧٥ وما بعدهما.
(٢) في س: "أقوالهم".
(٣) في ص، ت ١: "يوم".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (٢/ ٦١٤) (٣٢٩٢، ٣٢٩٤) من طريق يزيد به دون آخره، وعلق آخره في (٢/ ٦١٥) عقب الأثر (٣٢٩٧).
(٥) في س: "زكاة".
(٦) في م: "بإتيانها".