للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ﴾: وذلك لأن المسلمين كانوا يَكْرَهون القِتالَ، فقال: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾. يقولُ: إن (١) في القتالِ الغَنيمةَ والظُّهورَ والشَّهادةَ، ولكم في القعودِ ألا تَظْهَروا على المشركين، ولا تَسْتَشْهِدوا، ولا تُصِيبوا شيئًا (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ إبراهيمَ السُّلَمِيُّ، قال: ثنى يحيى بنُ محمدِ بنِ مجاهدٍ، قال: أخْبَرنى عبيدُ اللهِ بنُ أبي هاشمٍ الجُعْفِيُّ، قال: أخْبَرني عامرُ بنُ وَاثِلةَ، قال: قال ابنُ عباسٍ: كنتُ رِدْفَ النبىِّ ، فقال: "يا بنَ عباسٍ، ارْضَ عن اللهِ بما قدَّرَ، وإن كان خِلافَ هواك، فإنه مُثْبَتٌ في كتابِ اللهِ". قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، فأين وقد قرأت القرآنَ؟ قال: "في قولِه: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ " (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه عز ذِكْرُه: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢١٦)﴾.

يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: واللهُ يعلمُ ما هو خيرٌ لكم مما هو شرٌّ لكم، فلا تَكْرهوا ما كتبتُ عليكم مِن جهادِ عدوِّكم، وقتالِ مَن أمرْتُكم بقتالِه، فإنى أعلمُ أنّ قتالَكم إياهم هو خيرٌ لكم في عاجلِكم ومعادِكم، وتركَكم قتالَهم شرٌّ لكم، وأنتم لا تعلمون مِن ذلك ما أعلمُ. يَحُضُّهم جلَّ ذكرُه بذلك على جهادِ أعدائِه، ويُرغِّبُهم في قتالِ مَن كفَر به.

القولُ في تأويلِ قولِه عز ذِكْرُه: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ


(١) سقط من: ت ١، ت ٢، وبعده في م: "لكم".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٣٨٣ (٢٠١٩) من طريق عمرو به.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٤٤ إلى المصنف.