للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ﴾.

يعنى بذلك جل ثناؤُه: يسألُك يا محمدُ أصحابُك عن الشهرِ الحرامِ -وذلك رجبٌ- عن قتالٍ فيه.

وخفضُ "القتالِ" على معنى تَكْريرِ "عن" عليه. وكذلك كانت قراءةُ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ فيما ذُكِرَ لنا (١).

وقد حُدِّثْتُ عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: ثنا ابنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ قولَه: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ﴾. قال: يقولُ: يسألونك عن قتالٍ فيه. قال: وكذلك كان يقرؤُها: (عن قتالٍ فيه) (٢).

قال أبو جعفرٍ: ﴿قُلْ﴾ يا محمدُ: ﴿قِتَالٌ فِيهِ﴾ يعنى: فى الشهرِ الحرامِ، ﴿كَبِيرٌ﴾ أى: عظيمٌ عندَ اللهِ استحلالُه، وسفكُ الدماءِ فيه.

ومعنى قولِه: ﴿قِتَالٌ فِيهِ﴾: قُل: القِتالُ فيه كبيرٌ.

وإنما قال: ﴿قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ﴾؛ لأن العربَ كانت لا تَقْرعُ فيه الأسِنَّةَ، فيَلْقَى الرجلُ قاتلَ أبيه أو أخيه فيه فلا يَهِيجُه؛ تعظيمًا له، وتُسَمِّيه مُضَرُ الأصمَّ، لسُكوتِ (٣) أصواتِ السلاحِ وقَعْقَعتِه فيه.

وقد حدَّثنى محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ الحكمِ المصْرىُّ، قال: ثنا شعيبُ بنُ الليثِ، قال: ثنا الليثُ، قال: ثنا أبو (٤) الزبيرِ، عن جابرٍ، قال: لم يَكُنْ رسولُ اللهِ


(١) المصاحف ص ٥٨. وهى قراءة شاذة لمخالفتها رسم المصحف.
(٢) عزاه السيوطي فى الدر المنثور ١/ ٢٥٢ إلى المصنف. وأخرجه ابن أبى حاتم فى تفسيره ٢/ ٣٨٥ عقب الأثر (٢٠٢٤) من طريق ابن أبى جعفر به، وهى قراءة ابن عباس والربيع والأعمش. ينظر البحر المحيط ٢/ ١٤٥.
(٣) فى م: "لسكون".
(٤) سقط من: م، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "ابن". والمثبت من المسند، وينظر تهذيب الكمال ٢٦/ ٤٠٢.