للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول في تأويل قوله: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (٥٢)﴾.

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد : قُلْ يا محمد، لهؤلاء المنافقين الذين وَصَفتُ لك صِفتهم وبَيَّنتُ لك أمرهم: هل تنتظرون بنا إلا إحدى الخلَّتين اللَّتين هما أحسن من غيرهما؛ إمَّا ظَفَرًا بالعدوِّ وفتحًا لنا بغَلَبَتناهم، ففيها الأَجْرُ والغَنِيمة والسلامة؛ وإِمَّا قَتْلًا مِن عدوِّنا لنا، ففيه الشهادة والفوز بالجنة، والنَّجَاةُ مِن النارِ، وكلتاهما مما [يُحَبُّ، ولا يُكْرَهُ] (١) ﴿وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ﴾. يقولُ: ونحن ننتظر بكم أن يُصِيبَكُمُ اللهُ بعُقوبةٍ مِن عنده عاجلةٍ، تُهْلِكُكم، أو بِأَيْدِينَا فتَقْتُلُكم، ﴿فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾. يقولُ: فانْتَظِرُوا إِنَّا معكم مُنتظرون ما الله فاعل بنا، وما إليه صائرٌ أمرُ كلِّ فريقٍ مِنَّا ومنكم.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾. يقولُ: فَتْحٌ أو شَهادةٌ. وقال مَرَّةً أخرى: يقولُ: القَتْلُ، فهى الشهادة والحياة والرزق، وإمَّا يُخْزِيكم بأيدينا (٢).


(١) في ت ١، ت ٢: "نحب ولا نكره".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨١٢ من طريق أبي صالح به.