للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرَأ: ﴿وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٣]. قال: يُسْلِمُ. وقرَأ: ﴿وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى﴾ [عبس: ٧]: أن لا يُسْلِمَ.

حدَّثني سعيدُ بنُ عبدِ اللهِ بن عبدِ الحَكَمِ، قال: ثنا حفصُ بنُ عمرَ العَدَنيُّ، عن الحكمِ بن أبانٍ، عن عكرمةَ: قولَ موسى لفرعونَ: ﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾: هل لك إلى أن تقول: لا إلهَ إلا اللهُ (١).

واختلفت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿تَزَكَّى﴾؛ فقرَأَته عامةُ قرأةِ المدينةِ: (تزَّكَّى) بتشديدِ الزايِ (٢). وقرأته عامةُ قرأةِ الكوفةِ والبصرةِ: ﴿إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾ بتخفيفِ الزايِ (٣). وكان أبو عمرٍو يقولُ، فيما ذُكرِ عنه: (تَزكَّى) بتشديدِ الزايِ، بمعنى: تَتَصَدَّقُ بالزكاةِ، فتقولُ: تَتَزَكَّى. ثم تُدْغِمُ، وموسى لم يَدْعُ فرعونَ إلى أن يَتَصَدَّقَ، وهو كافرٌ، إنما دعاه إلى الإسلام، فقال: تَزَكَّى. أي: تكون زاكيًا مؤمنًا. والتخفيفُ في الزايِ هو أفصح القرَاءتين في العربية.

القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه موسى: قلْ لفرعونَ: هل لك إلى أن أُرْشِدَك إلى ما يُرْضى ربَّك عنك، وذلك الدينُ القَيَّمُ، ﴿فَتَخْشَى﴾. يقولُ: فتَخْشَى عقابه بأداءِ ما أَلْزَمَك مِن فرائضه، واجتناب ما نهاك عنه من معاصيه.


(١) أخرجه البيهقى في الأسماء والصفات (٢٠٥) من طريق حفص عن الحكم عن عكرمة عن ابن عباس، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١٣ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) وهى قراءة نافع وابن كثير. حجة القراءات ص ٧٤٩.
(٣) وهى قراءة أبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. المصدر السابق.