للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل معنى ذلك أنَّ الوادى قُدِّس طُوًى، أي: مرَّتين، وقد بيَّنا ذلك كلَّه ووجوهَه فيما مضى (١)، بما أغْنَى عن إعادته في هذا الموضعِ.

وقرَأ ذلك الحسنُ بكسر الطاءِ (٢)، وقال: ثبتَتْ فيه البركة والتقديسُ مرتين. حدَّثنا بذلك أحمدُ بنُ يُوسُفَ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا هشيمٌ، عن عوفٍ، عن الحسنُ (٣).

واختَلَفَت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأَته عامة قرأةِ المدينةِ والبصرةِ: (طُوَى). بالضمِّ، ولم يُجرُوه (٤). وقرَأ ذلك بعض أهلُ الشام والكوفةِ: ﴿طُوًى﴾. بضمِّ الطاءِ والتنوينِ (٥).

وقولُه: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: نادى موسى ربُّه أن اذْهَبْ إلى فرعونَ. فحُذِفت "أن"، إذ كان النداء قولًا، فكأنه قيل: قال لموسى ربُّه: اذْهَبْ إلى فرعونَ. وقولُه: ﴿إِنَّهُ طَغَى﴾. يقولُ: عَتَا وتَجاوَز حدَّه في العدوانِ والتكبُّرِ على ربِّه.

وقولُه: ﴿فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾. يقولُ: فقل له: هل لك إلى أن تَتَطَهَّرَ مِن دَنَسِ الكفر، وتُؤْمِنَ بربِّك؟

كما حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى﴾. قال: إلى أن تُسْلِمَ. قال: والتَّزَكِّي في القرآن كلِّه الإسلامُ. وقرَأ قولَ اللهِ: ﴿وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى﴾ [طه: ٧٦]. قال: مَن أَسْلَم.


(١) ينظر ١٦/ ٢٨.
(٢) البحر المحيط ٦/ ٢٣١. وهى قراءة شاذة؛ لأنها لم تثبت تواترًا.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٣٤٥، ٣٤٦ عن معمر عن الحسن، قال: المقدس قدس مرتين.
(٤) تقدم تخريجها في ١٦/ ٢٩.
(٥) تقدم تخريجها في ١٦/ ٣٠.