للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعنى الكلام: وجاءتْهم رسلُهم بالآياتِ البينات أنها حقٌّ، ﴿[وَمَا] (١) كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾ يقولُ: فلم تكنْ هذه الأممُ التي أهْلَكْناها ليُؤْمِنوا بِرُسُلِهم، ويُصَدِّقوهم إلى ما دَعَوهم إليه من توحيد الله، وإخلاص العبادةِ له، ﴿كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ﴾ يقولُ تعالى ذكرُه: كما أهلَكْنا هذه القرونَ من قبلكم، أيُّها المشركون، بظُلمِهم أنفسَهم، وتَكْذيبِهم رُسُلَهم، ورَدِّهم نصيحتَهم، كذلك أفعلُ بكم فأُهْلِكُكم كما أَهْلَكتُهم بتَكْذيبِكم رسولَكم محمدًا ، وظُلْمِكم أنفسَكم بشِرْكِكم بربِّكم، إن أنتم لم تُنِيبوا وتَتوبوا إلى اللهِ مِن شِرْكِكم، فإن مِن ثوابِ الكافرِ بي على كفرِه عندى، أن أُهْلِكَه بسَخَطِى فى الدنيا، وأُورِدَه النارَ في الآخرة (٢).

القولُ في تأويل قولِه تعالى: ﴿ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٤)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ثم جعَلناكم أيُّها الناسُ خلائفَ مِن بعدِ هؤلاء القرونِ الذين أهلَكناهم لمَّا ظلَموا، تَخلُفُونهم الأرضَ، وتكونون فيها بعدَهم؛ ﴿لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾. يقولُ: ليَنظُرَ ربُّكم أين عملُكم مِن عملٍ مَن هَلَكَ مِن قَبْلِكُم مِن الأممِ بذُنوبهم وكفرهم بربِّهم، تَحذُونَ (٣) مِثالَهم فيه؛ فتَستَحِقُوا مِن العقابِ ما استَحَقُوا، أم تُخالِفون سبيلَهم فتُؤمنون بالله ورسوله، وتُقِرُّون بالبعثِ بعد الممات؛ فتَستَحِقُوا مِن ربِّكم الثواب الجزيل؟

كما حدَّثنا بشرُ بن معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قوله:


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "فما".
(٢) بعده فى ت ١: "والله الموفق والهادى".
(٣) في ص: "تحتذون"، وفى ت ١: "لتكونون"، وفي ت ٢، س بياض.