للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولِه: ﴿لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى﴾ الآية. قال: تَسْمَعون منهم كذبًا على اللَّهِ، يَدْعُونكم إلى الضلالة (١).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (١١١)﴾.

يَعْنى بذلك جلَّ ثناؤُه (٢): وإن يُقَاتِلْكم أهلُ الكتابِ مِن اليهودِ والنصارى يُهْزَموا عنكم، فيُوَلُّوكم أدبارَهم انهزامًا.

فقولُه (٣): ﴿يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ﴾. كنايةٌ عن انهزامِهم؛ لأن المنهزمَ يُحَوِّلُ ظهرَه إلى قِرنِه (٤) الطالبِ هرَبًا إلى مَلْجأً وموئلٍ يَئِلُ إليه منه، خوفًا على نفسِه، والطالبُ في أثَرِه. فدُبُرُ المطلوبِ حينئذٍ يكونُ مُحاذِىَ وجهِ الطالبِ الهازمِه.

﴿ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾. يَعْنى: ثم لا يَنْصرُهم الله أيها المؤمنون عليكم؛ لكفرِهم باللهِ ورسولِه، وإيمانِكم بما آتاكم نبيُّكم محمدٌ ؛ لأن الله قد ألقى الرعبَ في قلوبِهم (٥)، فأيدكم (٦) أيها المؤمنون بنصرِكم. وهذا وعدٌ مِن الله تعالى ذكرُه نبيَّه محمدًا وأهلَ الإيمانِ نَصْرَهم على مَن كفرَ به مِن أهلِ الكتابِ.

وإنما رفَع قولَه: ﴿ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ﴾. وقد جزَم قولَه: ﴿يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ﴾. على جوابِ الجزاءِ، ائتنافًا للكلامِ؛ لأن رُءوسَ الآياتِ قبلَها بالنونِ، فألْحَق هذه بها، كما قال: ﴿وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ﴾ [المرسلات: ٣٦]. رفعًا، وقد


(١) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ٣/ ٧٣٤ (٣٩٨٤) من طريق أبى بكر الحنفى به.
(٢) بعده في ت ١، ت ٢، ت ٣: "وإن يقاتلوكم".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وأما قوله".
(٤) في م: "جهة". والقِرن: الكفء والنظير في الشجاعة والحرب. اللسان (ق ر ن).
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "قلوب".
(٦) في م: "كائدكم".