للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ﴾. فقال: ذهَب النبيُّ ، وبقيت النِّقْمةُ، ولم يُرِ اللَّهُ نَبِيَّه في أمتِه شيئًا يَكْرَهُه حتى مضَى، ولم يَكُنْ نبيٌّ قَطُّ إلا رأى العقوبةَ في أمتِه، إلا نبيَّكم . قال: وذُكِر لنا أن النبيَّ أُرِىَ ما يُصِيبُ أمتَه بعده، فما رُئِى ضاحكًا مستبسِطًا حتى قبَضه اللَّهُ (١).

وقال آخرون: بل عُنى به أهلُ الشركِ مِن قريشٍ. وقالوا: قد أَرَى اللَّهُ نبيَّه ذلك (٢) فيهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّي في قولِه: ﴿فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ﴾: كما انتقَمنا مِن الأممِ الماضيةِ، ﴿أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ﴾: فقد أَراه اللَّهُ ذلك وأظهَره عليه (٣).

وهذا القولُ الذي قاله السديُّ أولى التأويلَين في ذلك بالصوابِ؛ وذلك أن ذلك في سياقِ خبرِ اللَّهِ عن المشركين، فلأن يكونَ ذلك تهديدًا لهم، أَولى مِن أن يكونَ وعيدًا لمن لم يَجْرِ له ذكرٌ. فمعنى الكلامِ إذ كان ذلك كذلك: فإن نذهَبْ بك يا محمدُ مِن بين أظهُرِ هؤلاءِ المشركين، فنُخْرِجْكَ مِن بينِهم، ﴿فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ﴾، كما فعَلنا ذلك بغيرِهم من الأممِ المُكَذِّبِةِ رُسُلَها، ﴿أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ﴾، يا محمدُ من الظُّفَرِ بهم، وإعلائِك عليهم، ﴿فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ﴾، أن نُظْهِرَك عليهم، ونخزيَهم بيدِك وأيدى المؤمنين بك.


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٩٧ عن معمر به، وأخرجه الحاكم ٢/ ٤٤٧ من طريق ابن ثور عن معمر عن قتادة عن أنس قوله، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٨ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) في الأصل: "عليهم".