للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على قراءتِهم: قلْ من ربُّ السماواتِ السبعِ وربُّ العرشِ العظيمِ؟ سيقولون: ربُّ ذلك اللهُ. فلا مؤنةَ في قراءةِ ذلك كذلك. وأمَّا الذين قَرءوا ذلك في هذا وفى الذي يليهِ بغيرِ ألفٍ، فإنَّهم قالوا: معنى قولِه: ﴿قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ﴾: لمن السماواتُ (١)، لمن مُلكُ ذلك؟ فجعَلَ الجوابَ على المعنى، فقيل: (اللهُ). لأن المسألةَ عن مُلكِ ذلك لمن هو. قالوا: وذلك نظيرُ قولِ قائلٍ لرجلٍ: من مولاك؟ فيجيبُ المجيبُ عن معنى ما سُئل (٢)، فيقولُ: أنا لفلانٍ. لأنَّه مفهومٌ بذلك من الجوابِ ما هو مفهومٌ بقولِه: مولاى فلانٌ. وكان بعضُهم يَذكُرُ أَنَّ بعضَ بني عامرٍ أنشَده (٣):

وأَعْلَمُ أَنَّنِي سأكُونُ رَمْسًا … إذَا سارَ النَّوَاعِجُ (٤) لا يَسِيرُ

فقال السَّائِلُونَ (٥) لِمَنْ حَفَرْتُمْ … فقال المُخْبِرُونَ لَهُمْ وَزِيرُ

فأجابَ المخفوضَ بمرفوعٍ؛ لأنَّ معْنى الكلامِ: فقال السائلونَ: من الميتُ؟ فقال المخبرون: الميتُ وزيرٌ. فأجابوا عن المعنى دون اللفظِ.

والصوابُ من القراءةِ في ذلك أنهما قراءتانِ، قد قرَأَ بهما علماءُ من القرأةِ، متقاربتا المعنى، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ فمصيبٌ، غيرَ أني مع ذلك أختارُ قراءةَ جميعِ ذلك بغيرِ ألفٍ؛ لاجتماعِ خطوطِ مصاحفِ الأمصارِ على ذلك، سوى خطِّ مصحفِ أهل البصرةِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ


(١) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ف: "والأرض".
(٢) في ص، ف: "سأل".
(٣) تقدم تخريجه في ١/ ١٤٠.
(٤) في م: "النواجع". وينظر ما تقدم ١/ ١٤٠.
(٥) في ت ٢: "السائرون".