للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركينَ يُخْلِفْه اللَّهُ عليكم في الدنيا، ويَدَّخِرْ لكم أُجورَكم على ذلك عندَه، حتى يُوَفِّيَكموها يومَ القيامة، ﴿وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾. يقولُ: يَفْعَلُ ذلك بكم ربُّكم، فلا يُضِيعُ أجورَكم عليه.

وبنحوِ ما قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾. أي: لا يَضِيعُ لكم عندَ اللَّهِ أجرُه في الآخرةِ، وعاجلُ خَلَفِه في الدنيا (١).

القولُ في تأويلِ قوله: ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : وإما تخافَنَّ مِن قومٍ خِيانَةً وغدرًا، فانْبِذْ إليهم على سواءٍ، وآذِنْهم بالحربِ، ﴿وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا﴾: وإن مالوا إلى مسالمَتِك، ومُتارَكتِك الحربَ، إما بالدخولِ في الإسلامِ، وإما بإعطاءِ الجزيةِ، وإما بموادَعَةٍ، ونحوِ ذلك من أسبابِ السَّلْمِ والصلحِ، ﴿فَاجْنَحْ لَهَا﴾، يقولُ: فمِلْ إليها، وابْذُل لهم ما مالوا إليه مِن ذلك وسألوكه.

يقالُ منه منه: جنَح الرجلُ إلى كذا يَجْنَحُ إليه جُنوحًا، وهى لتَميمٍ، وقيسٍ فيما ذُكِر عنها تقولُ: يَجْنُحُ، بضمِّ النونِ. وآخرون: يقولون: يَجْنِحُ بكسرِ النونِ، وذلك إذا مال. ومنه قولُ نابغةِ بني ذُبْيانَ (٢):


= الرمح. التاج (ح ر ب).
(١) سيرة ابن هشام ١/ ٦٧٤، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٧٢٤ من طريق سلمة به.
(٢) ديوانه ص ٥٧.