للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: معنى ذلك: ما المشركون إلا رِجْسُ خِنْزيرٍ أو كلبٍ.

وهذا قولٌ رُوى عن ابن عباسٍ مِن وجه غير حميدٍ، فكرهنا ذكره.

وقوله: ﴿فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾. يقول للمؤمنين: فلا تَدَعُوهم أن يَقْرَبوا المسجد الحرام بدخولهم الحَرَم. وإنما عنى بذلك مَنْعَهم من دخول الحرَمِ؛ لأنهم إذا دَخَلُوا الحَرَمَ، فقد قربوا المسجد الحرام.

وقدِ اختَلَف أهل التأويل في معنى ذلك؛ فقال بعضُهم فيه نحو الذي قُلْناه.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا بشر وابن المُثَنَّى، قالا: ثنا أبو عاصمٍ، قال: أخبرنا ابن جريج، قال: قال عطاء: الحَرَمُ كلُّه قِبْلةٌ ومسجد. قال: ﴿فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ﴾. لم يَعْنِ المسجد وحدَه، إنما عَنَى مكةَ (١) الحرم. قال ذلك غيرَ مَرَّةٍ (٢).

وذُكر عن عمر بن عبد العزيز في ذلك ما:

حدثنا عبد الكريم بن أبي عُمَيرٍ، قال: ثنى الوليد بن مسلمٍ، قال: ثنا أبو عمرو، أن عمر بن عبد العزيز كَتَب: أنِ امْنَعوا اليهود والنصارى من دخول مساجدِ المسلمين، وأَتْبَعَ نَهْيَه قولَ اللهِ: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ (٣).

حدثنا ابن وَكِيعٍ، قال: ثنا ابن فُضَيلٍ، عن أَشْعَثَ، عن الحسنِ: ﴿إِنَّمَا


(١) بعده في م: "و".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٧٦ من طريق أبي عاصم به، وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (٩٨٨٠، ٩٨٨١، ١٩٣٥٦)، والنحاس في ناسخه ص ٤٩٧ من طريق ابن جريج به.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ٦/ ٥١٢، ٥١٣، والبيهقى ١٠/ ١٠٣ من طريقين عن عمر بن عبد العزيز بمعناه، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٢٧ إلى أبي الشيخ.