للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾. قال: لا تُصافحوهم، فمَن صافحهم فليتوضَّأْ (١).

وأما قوله: ﴿بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾. فإنه يعنى: بعد العام الذي نادى فيه عليٌّ، رحمة الله عليه، ببراءةٍ، وذلك عامَ حَجَّ بالناس أبو بكر، وهى سنة تسعٍ من الهجرة كما حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: ﴿فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾. وهو العام الذي حج فيه أبو بكر، ونادى عليٌّ، رحمة الله عليهما، بالأذان وذلك، لتسع (٢) سنينَ مَضَينَ مِن هجرة رسول الله ، وحَجَّ نبيُّ الله مِن العامِ المقبلِ، حَجَّةَ الوداع، لم يَحُجَّ قبلها ولا بعدها (٣).

وقوله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾. يقولُ للمؤمنين: وإن خِفْتُم فاقةً وفقرًا، بمنعِ المشركين من أن يَقْرَبوا المسجد الحرام، ﴿فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاءَ﴾. يقال منه: عالَ يَعِيلُ عَيْلَةً وعُيُولا، ومنه قول الشاعر (٤):

وَما يَدْرِى الْفَقِيرُ مَتَى غِناهُ … وما يَدْرِي الغَنِيُّ مَتَى يَعِيلُ

وقد حُكِى عن بعضِهم أن من العربِ مَن يقولُ في الفاقة: عالَ يَعُولُ. بالواو.

وذُكِر عن عمرو بن فائد أنه كان تأوَّلَ قولَه: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً﴾ بمعنى: وإذ خِفْتُم. ويقولُ: كان القوم قد خافوا. وذلك نحو قول القائلِ لأبيه: إن كنتَ أبى فأكْرِمْنى. بمعنى: إذ كنت أبي. وإنما قيل ذلك لهم؛ لأن المؤمنين خافوا بانقطاع


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٤/ ٧٤ نقلا عن المصنف، وأخرجه ابن أبي شيبة ٨/ ٤٣٣ عن ابن فضيل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٢٧ إلى أبى الشيخ.
(٢) في ص، ت ١، س، ف: "لسبع".
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٧٧٦ من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٢٦ إلى ابن المنذر وأبي الشيخ.
(٤) تقدم تخريجه في ٦/ ٣٧٦.