للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناسُ، واعْملوا بما أمَرَكُم أن تعملوا به من طاعةِ اللهِ، ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾. يقولُ: لكى تهتدُوا فَتَرشُدوا وتصيبوا الحقَّ في اتباعكم إيَّاه.

القول في تأويل قوله جلّ ثناؤه: ﴿وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ (١٥٩)﴾.

يقول (١) تعالى ذكره: ﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَى﴾. يعني: من بني إسرائيل، ﴿أُمَّةٌ﴾. يقولُ: جماعة، ﴿يَهْدُونَ بِالْحَقِّ﴾. يقولُ: يهتدونَ بالحقِّ، أي: يستقيمون عليه ويعملون به، ﴿وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾ أي: وبالحقِّ يُعطون ويَأخُذُون، وينصفون من أَنفُسِهم فلا يَجورُونَ.

وقد قال في صفة هذه الأمة التي ذكرها الله في هذه الآية جماعةٌ أقوالا نحنُ ذاكرون ما حضَرَنا منها.

حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله بن الزبير، عن ابن عيينةَ، عن صدقة أبى الهذيل، عن السدى: ﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾. قال: قومٌ بينكم وبينَهم نهرٌ مِن شَهْدِ (٢).

حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج قوله: ﴿وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ﴾. قال: بلغني أن بنى إسرائيل لما قتلوا أنبياءهم [وكفروا] (٣)، وكانوا اثنى عشَرَ سِبطًا، تبرَّأ سبط منهم مِمّا صنعوا، واعتذَروا، وسألوا اللَّهَ أَنْ يفرِّقَ بينَهم وبينهم، ففتح الله لهم نَفَقًا في الأرضِ


(١) في الأصل: "يعنى".
(٢) الشهد: العسل ما دام لم يعصر من شمعه، واحدته شَهْدة وشُهْدَة. التاج (ش هـ د). والأثر أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٥٨٨ من طريق ابن عيينة به، وفيه "نهر من سهل". قال حامد - رواية عن ابن عيينة -: سهل؛ نهر من رمل يجرى. وكذا عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٣٦. وذكره ابن كثير في تفسيره ٣/ ٤٩١ عن ابن عيينة به كلفظ المصنف.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، س، ف: "كفروا".