للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُدْعَى العرِمَ، وكان إذا مُطِرَ سالَت أوديةٌ باليَمنِ إلى العَرِمِ، واجتمَع إليه الماءُ، فعمَدت سبأٌ إلى العَرِمِ فسدُّوا ما بينَ الجبلين، فحجَزوه بالصخرِ والقارِ، فاستدَّ زمانًا من الدهرِ، لا يَرْجون الماءَ. يقولُ: لا يَخافون.

وقال آخرون: العَرِمُ: صفةٌ للمُسَنَّاةِ التي كانت لهم وليس باسمٍ لها.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿سَيْلَ الْعَرِمِ﴾. يقولُ: الشديدِ (١). وكان السببُ الذي سبَّب اللهُ لإرسالِ ذلك السيلِ عليهم - فيما ذُكِر لى - جُرَذًا ابتعَثه اللهُ على سدِّهم، [فنقَب فيه نَقْبًا] (٢).

ثم اختلَف أهلُ العلمِ في صفةِ ما حدَث عن ذلك النَّقْبِ مما كان به خَرابُ جَنَّتَيْهم؛ فقال بعضُهم: كان صفةُ ذلك أن السيلَ لما وجَد عملًا في السدِّ عمِل فيه فخرَّبه (٣)، ثم فاض الماءُ على جناتِهم فغرَّقها وخرَّب أرضَهم وديارَهم.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنى محمدُ بنُ إسحاقَ، عن وهبِ بن مُنبِّهٍ اليمانيِّ، قال: كان لهم، يعنى لسبأ، سَدٌّ قد كانوا بَنَوه بنيانًا أيِّدًا (٤)، وهو الذي كان يَرُدُّ عنهم السيلَ إذا جاء، أن يَغْشَى أموالَهم. وكان فيما يَزْعُمون في علمِهم من


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره كما في تعليق التعليق ٤/ ٢٨٩، والإتقان ٢/ ٣٨ من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣٣ إلى ابن المنذر.
(٢) في م، ت ١، ت ٢: "فثقب فيه ثقبا".
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) الأَيْد: القوة. ورجل أيِّد، أي: قوى. ينظر اللسان (أ ي د).