يقولُ تعالى ذكرُه: يا أَيُّها الذين آمَنوا عليكم أنفسَكم، فأَصْلِحوها واعمَلوا في خلاصِها من عقابِ اللهِ تعالى ذكرُه، وانظُروا لها فيما يقربها من ربِّها، فإنه ﴿لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ﴾. يقولُ: لا يضرُّكم مَن كفَر وسلَك غيرَ سبيلِ الحقِّ إذا أنتم اهتديتم وآمنتم بربِّكم، وأَطَعْتموه فيما أمركم به وفيما نهاكم عنه، عنه، فحرَّمتم حرامَه وحلَّلتم حلالَه.
ونُصِب قوله: ﴿أَنْفُسَكُمْ﴾ بالإغراءِ، والعربُ تُغْرِى من الصفاتِ بـ "عليك"، و "عندك"، و "دونك"، و "إليك".
واخْتَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: يا أيُّها الذين آمنوا عليكم أنفسَكم إذا أمَرتم بالمعروفِ ونهَيتم عن المنكرِ فلم يُقْبَلْ منكم.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا سوَّارُ بنُ عبدِ اللَّهِ، قال: ثنا أبى، قال: ثنا أبو الأشهبِ، عن الحسنِ، أن هذه الآيةِ قُرِئت على ابن مسعودٍ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾. فقال ابن مسعود: ليس هذا بزمانِها، قولوها ما قُبِلت منكم، فإذا رُدَّت عليكم فعليكم أنفسَكم.
حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا أبو أسامةَ، عن أبي الأشهبِ، عن الحسنِ، قال: ذُكِر عندَ ابن مسعودٍ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا﴾. ثم ذكَر نحوَه.