للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. يقولُ: تَجْرِى خِلالَ أشجارها الأنهارُ وفي أسافلِها، جزاءً لهم على صالحِ أعمالِهم، ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ يعنى: دائمي المُقامِ في هذه الجَنَّاتِ التي وَصَفها. ﴿وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾ يعنى: ونِعْمَ جزاء العاملين للهِ الجناتُ التي وَصَفها.

كما حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقَ: ﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ﴾: أي ثوابُ المُطِيعين (١).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (١٣٧)

يعني بقولِه تعالى ذِكْرُه: ﴿قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ﴾: قد مَضَتَ وسَلَفت منى في مَن كان قبلَكم - يا مَعْشَرَ أصحابِ محمدٍ وأهلَ الإيمانِ به - من نحوِ قومِ عادٍ وثمودَ وقومِ إبراهيمَ (٢) وقومِ لوطٍ وغيرهم مِن سُلَّافِ الأُمَم قبلَكم ﴿سُنَنٌ﴾ يعني: [مُثُلًا وسِيَرًا سِرتُها] (٣) فيهم وفى مَن (٤) كَذَّبوا به مِن أنبيائِهم الذين أُرْسِلوا إليهم، بإمْهالى (٥) أهلَ التكذيب بهم، واسْتِدراجي إياهم، حتى بلَغ الكتابُ فيهم أَجَلى (٦) الذي أجَّلْتُه لإدالة أنبيائِهم وأهلِ الإيمانِ بهم عليهم، ثم أخْلَلتُ بهم عُقُوبَتى، وأنزلتُ بساحتِهم نِقْمَتِي (٧)، فتركتُهم لمن بعدَهمِ أمثالًا وعِبرًا. ﴿فَسِيرُوا


(١) السيرة ٢/ ١٠٩ وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٧٦٨ (٤١٩٩) من طريق سلمة به.
(٢) في الأصل، ص، م: "هود". وقد تقدم ذكر عاد قوم هود.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "مثلات سيراسرتها"، وفى م: "مثلات سير بها".
(٤) بعده في الأصل: "كان".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "بإمهال".
(٦) في م: "أجله".
(٧) في ص: "نقمى".