للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ﴾. قال: هؤلاء المشركون (١).

والصوابُ مِن القول في ذلك ما قاله ابن زيد، وقد بيَّن الله حقيقة ذلك بقولِه: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا﴾.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣) مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (٧٤)﴾.

يقول تعالى ذكره: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا﴾، بكتابِ اللهِ، وهو هذا القرآنُ، و ﴿الَّذِينَ﴾ الثانيةُ في موضعِ خفضٍ ردًّا لها على ﴿الَّذِينَ﴾ الأُولى، على وجهِ النعتِ، ﴿وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا﴾. يقولُ: وكذَّبوا أيضًا - مع تَكْذيبِهم بكتابِ اللهِ - بما أرسلنا به رُسُلَنا مِن إخلاصِ العبادة لله، والبراءةِ مما يُعبد من دونِه مِن الآلهة والأندادِ، والإقرارِ بالبعث بعدَ المماتِ للثواب والعقابِ.

وقوله: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ﴾. وهذا تهديد من الله المشركين، يقولُ جلَّ ثناؤه: فسوف يعلم هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله، المكذِّبون بالكتاب، حقيقةَ ما تخبرهم به يا محمد، وصحةَ ما هم به اليوم


(١) ينظر التبيان ٩/ ٩٢، وتفسير القرطبي ١٥/ ٣٣١.