حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زِيدٍ في قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ﴾. قال: هؤلاء المشركون (١).
والصوابُ مِن القول في ذلك ما قاله ابن زيد، وقد بيَّن الله حقيقة ذلك بقولِه: ﴿الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا﴾.
يقول تعالى ذكره: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا﴾، بكتابِ اللهِ، وهو هذا القرآنُ، و ﴿الَّذِينَ﴾ الثانيةُ في موضعِ خفضٍ ردًّا لها على ﴿الَّذِينَ﴾ الأُولى، على وجهِ النعتِ، ﴿وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا﴾. يقولُ: وكذَّبوا أيضًا - مع تَكْذيبِهم بكتابِ اللهِ - بما أرسلنا به رُسُلَنا مِن إخلاصِ العبادة لله، والبراءةِ مما يُعبد من دونِه مِن الآلهة والأندادِ، والإقرارِ بالبعث بعدَ المماتِ للثواب والعقابِ.
وقوله: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ﴾. وهذا تهديد من الله المشركين، يقولُ جلَّ ثناؤه: فسوف يعلم هؤلاء الذين يجادلون في آيات الله، المكذِّبون بالكتاب، حقيقةَ ما تخبرهم به يا محمد، وصحةَ ما هم به اليوم