للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمورِهم، والقِيامِ بمصالحِهم. والأخْبارِ هم العلماءُ.

وقد بيَّنا معنى "الربانيين" فيما مضَى بشَواهدِه، وأقوالَ أهلِ التأويلِ فيه (١).

وأما الأحْبارُ، فإنهم جمعُ حَبْرٍ، وهو العالِمُ المُحْكِمُ للشيءِ، ومنه قيل لكعبٍ: كعبُ الأخبارِ.

وكان الفَرَّاءُ يقولُ (٢): أكثرُ ما سمِعْتُ العربَ تقول في واحدِ الأخبارِ: حِبْرٌ. بكسرِ الحاءِ.

وكان بعضُ أهلِ التأويلِ يقولُ: عُنِى بالربانيين والأحبارِ في هذا الموضعِ ابنا صُورِيَا اللذان أقَرَّا لرسولِ الله بحكمِ اللهِ تعالى في التوراةِ على الزانيَيْن المُحْصَنَين.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفَضَّل، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ، قال: كان رجلان مِن اليهودِ أخوان يقالُ لهما: ابنا صُورِيَا. وقد اتَّبَعا النبيَّ ولم يُسْلِما، وأعْطَياه عهدًا ألا يَسْأَلهما عن شيءٍ في التوراةِ إلا أَخْبَراه به، وكان أحدُهما رِبِّيًّا، والآخرُ حَبْرًا. وإنما اتَّبَعا النبيَّ يَتَعَلَّمان منه، فدَعاهما فسأَلَهما، فأَخْبَراه الأمرَ كيف كان حينَ زنَى الشريفُ وزنَى المِسْكينُ، وكيف غيَّروه، فأنْزَل اللهُ: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا﴾ يعنى النبيَّ ﴿وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ﴾ هما ابنا صُورِيَا، للذين هادوا. ثم ذكر ابنَى صُوريَا، فقال: ﴿وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا


(١) ينظر ما تقدم في ٥/ ٥٢٦ وما بعدها.
(٢) ينظر تهذيب اللغة ٥/ ٣٣، واللسان (ح ب ر).