للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عباسٍ: ﴿وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾: لا تَسْعَوْا فى الأرضِ (١).

وأصلُ العَثَا شدةُ الإفسادِ، [بل هو أشدُّ الإفسادِ] (٢)، يُقالُ منه: عَثِى فلانٌ فى الأرضِ -إذا تَجاوَز فى الإفسادِ إلى غايتِه- يَعْثَى عَثًا، مقصورٌ، وللجماعةِ: هم يَعْثَوْن. وفيه لُغَتان أُخْرَيان، إحداهما: عَثَا يَعْثُو عُثُوًّا (٣). ومَن قرَأ بهذه اللغةِ، فإنه يَنْبَغِى له أن يَضُمَّ الثاءَ مِن "يعثُو"، ولا أعْلَمُ قارئًا يُقْتَدَى بقراءتِه قرَأ به. ومَن نطَق بهذه اللغةِ مُخْبِرًا عن نفسِه قال: عثَوْتُ أَعْثُو. ومَن نطَق باللغةِ الأولى قال: عَثيتُ أَعْثَى.

والأخرى منهما: عاث يَعِيثُ عَيْثًا وعُيُوثًا وعَيَثانًا، كلُّ ذلك بمعنًى واحدٍ. ومِن العَيْثِ قولُ رُؤْبةَ بنِ العَجَّاجِ (٤):

وعاثَ فِينَا مُسْتَحِلٌّ عَائِثُ

مُصَدِّقٌ أو تاجِرٌ مُقاعِثُ (٥)

يعنى بقولِه: عاث فينا: أفْسَد فينا.

القولُ فى تأويلِ قولِه جلّ ثناؤُه: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا﴾.


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ١/ ٧٢ إلى المصنف وابن أبى حاتم.
(٢) سقط من: الأصل.
(٣) ضبطت فى الأصل هكذا: "عَثْوًا".
(٤) ديوانه ص ٣٠.
(٥) المصدق: الذى يقبض أموال الصدقة والزكاة. والمقاعث: الذى يستأصل المال ويستوعبه. اللسان (ص د ق، ق ع ث).