للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ﴾.

قال أبو جعفرٍ، : يعنى بذلك تعالى ذكرُه: ألم تَرَ يا محمدُ بقلْبِك الذين يُزَكُّون أنفسَهم مِن اليهودِ فيُبَرِّئُونها مِن الذنوبِ، ويُطَهِّرونها.

واختَلف أهلُ التأويلِ في المعنى الذي كانت اليهودُ تُزَكِّي به أنفسَها؛ فقال بعضُهم: كانت تَزْكِيتُهم أنفسَهم قولَهم: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾ [المائدة: ١٨].

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشْرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾: وهم أعداءُ اللَّهِ اليهودُ، زَكَّوا أنفسَهم بأمرٍ لم يَبْلُغوه، فقالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾. وقالوا: لا ذنوبَ لنا (١).

حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرَنا مَعْمَرٌ، عن الحسنَ في قولِه: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ﴾. قال: هم اليهودُ والنصارى، قالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾. وقالوا: ﴿لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى﴾ (٢) [البقرة: ١١١].

وحدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنا أبو تُمَيلةَ، عن عُبَيدِ بن سُليمانَ، عن الضحاكِ، قال: قالت اليهودُ: ليست لنا ذنوبٌ إلا كذُنوبِ أولادِنا يومَ


(١) ذكره البغوي في تفسيره ٢/ ٢٣٣، وابن كثير في تفسيره ٢/ ٢٨١ عن قتادة.
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٦٤، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٩٧٢ (٥٤٣١) عن الحسن بن يحيى به.