للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمحمدٍ قبلَ موتِ الكتابيِّ. فما (١) لا وجهَ له مفهومٌ؛ لأنه مع فسادِه من الوجهِ الذى دلَّلنا على فسادِ قولِ من قال: عنى به: ليؤمنَنَّ بعيسى قبل موتِ الكتابيِّ. يَزيدُه (٢) فسادًا أنه لم يَجْرِ لمحمدٍ في الآياتِ التي قبلَ ذلك ذكرٌ، فيجوزَ (٣) صرفُ الهاءِ التى فى قولِه: ﴿لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾. إلى أنها من ذكرِه، وإنما قولُه: ﴿لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ﴾. في سياقِ ذكرِ عيسى وأمِّه واليهودِ، فغيرُ جائزٍ صرفُ الكلامِ عما هو في سياقِه إلى غيرِه، إلا بحجةٍ يجبُ التسليمُ لها، من دلالةِ ظاهرِ التنزيلِ، أو خبرٍ عن الرسولِ تقومُ به حجَّةٌ. فأما الدعاوَى فلا تتعذَّرُ على أحدٍ.

فتأويلُ الآيةِ إذ كان الأمرُ على ما وصَفتُ (٤): وما من أهلِ الكتابِ إِلَّا مَن (٥) ليؤمنَنَّ (٦) بعيسى قبلَ موت عيسى. وحُذِف "مَنْ" بعدَ "إِلَّا" لدلالةِ الكلامِ عليه، فاسْتُغْنى بدلالتِه عن (٧) إظهارِه، كسائرِ ما قد تقدَّم من أمثالِه التي قد أتينا على البيانِ عنها.

القولُ في تأويلِ قولِه جل ثناؤُه: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (١٥٩)﴾.

قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرِ : يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: ويومَ القيامةِ يكونُ عيسى على أهلِ الكتابِ ﴿شَهِيدًا﴾. يعنى: شاهدًا عليهم بتكذيبِ مَن


(١) فى م: "فمما"، وفي ت ٢: "مما".
(٢) في الأصل: "يزيد".
(٣) في الأصل "يجوز".
(٤) فى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وصفنا".
(٥) زيادة من: م.
(٦) بعده في الأصل: "به".
(٧) في الأصل، ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "من".