للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أحكامِه فى نفسِه ومالِه وولدِه صغارِهم وكبارِهم، بموتِه عما كان عليه في حياتِه - أدلّ الدليلِ على أن معنى قولِ اللهِ: ﴿وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾. إنما معناه: إلا ليؤمنَنَّ بعيسى قبلَ موتِ عيسى. [وأن ذلك] (١) في خاصٍّ من أهلِ الكتابِ، ومعنيٌّ به أهلُ زمانٍ منهم دونَ أهلِ كلِّ الأزمنةِ التي كانت بعدَ عيسى، وأن ذلك كائنٌ عندَ نزولِه.

كالذى حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ آدمَ، عن أبي هريرةَ، أن النبيَّ ، قال: "الأنبياءُ إخوةٌ لِعَلَّاتٍ، أُمَّهَاتُهم شَتَّى ودينُهم واحدٌ، وإنِّى أَوْلَى الناسِ بعيسى ابنِ مريمَ؛ لأنَّه لم يكنْ بينى وبينَه نبيٌّ، وإنه نازلٌ، فإذا رأيتموه فاعْرِفُوه، فإنه رجلٌ مَرْبوعُ الخَلْقِ، إلى الحُمْرةِ والبياضِ، سَبْطُ الشَّعَرِ، كأنّ رأسَه يقطُرُ وإن لم يُصِبْهُ بِلَلٌ، بينَ مُمَصَّرَتَيْن (٢)، فيدُقُّ الصليب، ويقتُلُ الخِنْزيرَ، ويضعُ الجزيةَ، ويَفِيضُ (٣) المالُ، ويقاتلُ الناسَ على الإسلامِ حتى يُهلِكَ اللهُ فى زَمانِه المِلَلَ كلَّها غيرَ الإسلامِ، ويُهلِكَ اللهُ في زمانِه مسيحَ الضلالةِ الكذَّابَ الدجَّالَ، وتقَعُ الأَمَنةُ في الأرضِ في زمانِه، حتى ترتَعَ الأُسُودُ معَ الإبلِ، والنمورُ مع البَقَرِ، والذئابُ مع الغنمِ، وتلعَبُ الغِلمانُ والصِّبيانُ بالحيَّاتِ، لا يضُرُّ بعضُهم بعضًا، ثم يَلْبَثُ فى الأرضِ ما شاء اللهُ -وربما قال: أربعين سنةً- ثم يُتَوفَّى، ويُصلِّى عليه المسلمون ويَدْفِنونه" (٤).

وأما الذي قال (٥): عنَى بقولِه: ﴿لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ﴾: ليؤمِنَنَّ


(١) في الأصل: "وذلك أن".
(٢) في الأصل: "مصرتين". والممصرة من الثياب: التي فيها صفرة خفيفة. النهاية ٤/ ٣٣٦.
(٣) في الأصل: "يقبل"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "يقبض".
(٤) تقدم تخريجه في ٥/ ٤٥٢.
(٥) بعده في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "من قال".