للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو أن مِدْحَةَ حَيٍّ مُنْشِرٌ أحدًا

والوجهُ الأول أحسنُ وَجْهَيه.

وقولُه: ﴿أَوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ﴾. يقول: هؤلاء الذين وَصَفْتُ لك صفتهم، أهل النار الذين هم أهلها، ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾، يقولُ: هم فيها ماكِثُون.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ (٢٨)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ويوم نجمعُ الخلق لموقف الحساب جميعًا، ثم نقولُ حينئذٍ للذين أشْرَكوا بالله الآلهة والأندادَ: ﴿مَكَانَكُمْ﴾، أي: امْكُثُوا مكانَكم، وقِفُوا في موضعِكم ﴿أَنتُمْ﴾ أيُّها المشركون ﴿وَشُرَكَاؤُكُمْ﴾ الذين كنتُم تَعْبُدونَهم مِن دونِ الله من الآلهة والأوثان. ﴿فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ﴾، يقولُ: فَفَرَّقْنا بين المشركين بالله وما أشركوه به. [وهو من قولهم: زلتُ الشيءَ أزيله. إذا فرَّقت بينه] (١) وبين غيرِه وأبنْتَه منه. وقال: فزَيَّلْنا إرادة تكثير الفعل وتكريره (٢)، ولم يقل: فزِلْنا بينهم.

وقد ذُكِرَ عن بعضهم أنه كان يَقْرؤُه: (فزايلْنا بينَهم). كما قيل: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ﴾ [لقمان: ١٨]: (ولا تُصاعِرْ خدَّك) (٣). والعربُ تفعلُ ذلك كثيرًا في "فَعَلْت"، يُلْحِقون فيها أحيانًا "ألِفًا" مكانَ التشديدِ، فيقولون: "فاعَلْت". إذا


(١) ما بين المعقوفين زيادة لابد منها لاستقامة العبارة، وينظر اللسان (ز ى ل)، ومعانى القرآن للفراء ١/ ٤٦٢.
(٢) في ت ١: "تنكيره"، وفى س: "تكثيره".
(٣) هذه قراءة نافع وأبي عمرو وحمزة والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥١٣. وستأتي في تفسير الآية ١٨ من سورة لقمان.