للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكره: وأَدْخَلْنا لوطًا في رحمتِنا بانجائِنا إياه مما أحْلَلْنا بقومِه مِن العذابِ والبلاءِ، وإنقاذِناه ﴿إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾. يقولُ: إن لوطًا مِن الذين كانوا يَعْمَلون بطاعتِنا، ويَنْتَهُون إلى أمرِنا ونَهْيِنا، ولا يَعْصُونَنا.

وكان ابن زيدٍ يقولُ في معنى قولِه: ﴿وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا﴾ ما حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا﴾. قال: في الإسلام.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (٧٦) وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: واذكُرْ يا محمدُ نوحًا إذ نادَى ربَّه مِن قبلِك، ومِن قبلِ إبراهيمَ ولوطٍ، وسألَنا أن نُهلِكَ قومَه الذين كذَّبوا الله فيما تَوَعَّدَهم به مِن وَعيدِه، وكذَّبوا نوحًا فيما أتاهم به من الحقِّ مِن عندِ ربِّه وقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦]. فاسْتَجَبنا له دعاءَه. ﴿فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ﴾. يعني بـ "أهلِه" أهلَ الإيمانِ به من ولدِه وحَلائلِهم، ﴿مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ﴾. يعنى بـ"الكَرْبِ العظيمِ": العذابَ الذي حَلَّ (١) بالمكُذِّبين مِن الطوفانِ والغَرَقِ.

والكَرْبُ شدَّةُ الغَمِّ، يقالُ منه: قد كَرَبَنى هذا الأمرُ، فهو يَكْرُبُنِي كَرْبًا.

وقولُه: ﴿وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾. يقولُ: وَنَصَرْنا نوحًا


(١) في ص، م، ت ٢، ف: "أحل".