للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السديِّ: ﴿وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقًا فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّمًا فِي السَّمَاءِ﴾: أما النَّفقُ فالسَّرَبُ، وأما السُّلَّمُ فالمصْعَدُ (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن عطاءٍ الخُراسانيِّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿نَفَقًا فِي الْأَرْضِ﴾. قال: سَرَبًا (٢).

وتُرِك جوابُ الجزاءِ فلم يُذْكَرُ؛ لدَلالةِ الكلامِ عليه، ومعرفةِ السامِعِين بمعناه، وقد تَفْعَلُ العربُ ذلك فيما كان يُفهمُ (٣) معناه عندَ المخاطَبين به، فيَقولُ الرجلُ منهم للرجلِ: إنِ اسْتَطَعتَ أن تَنْهَضَ معنا في حاجتِنا، إن قدَرْتَ على مَعُونتِنا. ويَحْذِفُ الجوابَ، وهو يُريدُ: إن قدَرْتَ على مَعونتِنا فافْعَلْ. فأما إذا لم يَعْرِفِ المُخاطَب والسامعُ معنى الكلامِ إلا بإظهارِ الجوابِ لم يَحْذِفوه، لا يُقالُ: إن تَقُمْ. فَتَسْكُتُ وتَحْذِفُ الجوابَ؛ لأن المَقُولَ ذلك له لا يَعْرِفُ جوابَه إلا بإظهارِه، حتى يُقالَ: إن تَقُمْ تُصِبْ خيرًا. أو: إن تَقُمْ فحسنٌ. وما أشْبَهَ ذلك. ونظيرُ ما في الآيةِ مما حُذِف جَوابُه وهو مُرادٌ؛ لفهم المُخاطَب لمعنى الكلامِ، قول الشاعرِ (٤):

فَبِحَظٍّ مما نَعِيش ولا تَذْ … هَبْ بِكِ التُّرَّهاتُ في الأهوالِ

[والمعنى: فبحظٍّ مما نَعِيشُ فَعِيشى] (٥).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٣٥)﴾.


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٨٤ عقب الأثر (٧٢٤٦، ٧٢٤٨) من طريق عمرو بن حماد، عن أسباط به.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٨٤ (٧٢٤٥) من طريق ابن جريج.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "معهم ما".
(٤) هو عبيد بن الأبرص، وتقدم البيت في ٣/ ٢١.
(٥) سقط من: م.