للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾. يعنى: عَلَّمه صَنعةَ الدروعِ والتقديرَ في السَّرْدِ، كما قال اللهُ تعالى ذكرُه: (وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لكُمْ لِتُحْصِنَكُم (١) مِنْ بَأْسِكُمْ) [الأنبياء: ٨٠].

وقد قيل: إن معنى قولِه: ﴿وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ﴾. أن اللَّهَ آتَى داودَ مُلْكَ طالوتَ، ونبوَّةَ أشمويلَ (٢).

ذكرُ من قال ذلك

حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ، قال: مُلِّك داودُ بعدَ ما قُتِل طالوتُ، وجعَله اللهُ نبيًّا، وذلك قولُه: ﴿وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ﴾. قال: الحكمةُ هي النبوَّةُ، آتاه نبوَّةَ شَمعونَ (٣) ومُلْكَ طالوتَ (٤).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (٢٥١)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بذلك: ولولا أن الله يدفَعُ ببعضِ الناسِ - وهم أهلُ الطاعةِ له والإيمانِ به - بعضًا - وهم أهلُ المعصيةِ للهِ والشركِ به - كما دفَع عن المتخلِّفين عن طالوتَ يومَ جالوتَ من أهلِ الكفرِ باللهِ والمعصيةِ له، وقد أعطاهم ما سألوا ربَّهم ابتداءً من بَعْثةِ مَلِكٍ عليهم؛ ليجاهِدوا معه في سبيلِه، بمَن جاهَد معه من أهلِ الإيمانِ باللهِ واليقينِ والصبرِ، جالوتَ وجنودَه ﴿لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ﴾. يعنى: لهلَك


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "ليحصنكم". وهما قراءتان، كما سيأتي في موضعه من التفسير.
(٢) في ص: "سمويل"، وفى ت ١، ت ٢، ت ٣: "شمويل".
(٣) في ص: "سمعون".
(٤) جزء من الأثر المتقدم في ص ٤٤١، ٤٤٢، وأخرج آخره ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٤٨٠ (٢٥٣٣) من طريق عمرو به.