للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبنحوِ ما قلنا في تأويلِ ذلك قال جماعةٌ من أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ الآية. يقولُ: لإخوانِهم الذين فارقوهم على دينِهم وأمرِهم؛ لِما قدِموا عليه من الكرامةِ والفضلِ والنعيمِ الذي أعطاهم (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجَّاجٌ، عن ابن جُريجٍ: ﴿وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ﴾ الآية. قال: يقولون (٢): إخوانُنا يُقتَلون كما قُتِلنا، يلحقون فيُصيبون مِن كرامةِ اللَّهِ تعالى ما أَصبْنا (٣).

حُدِّثتُ عن عمارٍ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرَّبيعِ: ذُكر لنا عن بعضِهم في قولِه: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾. قال: هم قتلى بدرٍ وأحدٍ، زعَموا أن اللَّهَ لما قبَض أرواحَهم، وأَدْخَلهم الجنةَ، جُعِلت أرواحُهم في طيرٍ خُضْرٍ تَرْعَى في الجنةِ، وتأوِى إلى قناديلَ من ذهبٍ تحتَ العرشِ، فلما رأوْا ما أعطاهم اللَّهُ من الكرامةِ، قالوا: ليت إخوانَنا الذين بعدَنا يعلَمون ما نحن فيه، فإذا شهِدوا قتالًا تعجَّلوا إلى ما نحن فيه. فقال اللَّهُ : إنى منزِّلٌ على نبيِّكم، ومخبرٌ إخوانَكم بالذي أنتم فيه. ففرِحوا به واستبشروا، وقالوا: يُخبرُ اللَّهُ نبيَّكم وإخوانَكم بالذي أنتم فيه، فإذا شهدوا قتالًا أتوكم. قال فذلك قولُه: ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، إِلى قولِه: ﴿أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ﴾.


(١) ذكره الطوسي في التبيان ٣/ ٤٨.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "يقول".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٩٥ إلى المصنف.