للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفرٍ : اخْتَلَفَت القرَأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأَتْه عامةُ قرأَةِ أمصارِ الإسلامِ: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ بضمِّ الظاءِ (١)، وقرأه بعضُهم: (إلا مَن ظَلَم) بفتح الظاءِ (٢).

ثم اخْتَلَف الذين قرَءوا ذلك بضمِّ الظاءِ في تأويلِه؛ فقال بعضُهم: معنى ذلك لا يُحِبُّ اللهُ تعالى ذكره أن يَجْهَرَ أحدٌ بالدعاءِ على أحدٍ، وذلك عندَهم هو الجهرُ بالسُّوءِ، ﴿إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ يقولُ: إلا مَن ظُلِم فيَدْعُو على ظالمِه، فإن الله لا (٣) يَكْرَهُ ذلك؛ لأنه قد رخَّص له في ذلك.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني المثنى، قال: ثني أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ﴾. يقول: لا يُحِبُّ اللهُ سبحانه أن يَدْعُوَ أحدٌ على أحدٍ إلا أن يكونَ مظلومًا، فإنه قد أَرْخَص له أن يَدْعُوَ على مَن ظَلَمَه، وذلك قولُه: ﴿إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾. وإن صبَر فهو خيرٌ له (٤).

حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾ [يعنى مَن ظُلِم] (٥) فإنه يُحِبُّ الجهرَ بالسُّوءِ [إِذَا ظُلِم] (٦).


(١) وهى قراءة القراء العشرة. النشر ٢/ ١٩٠.
(٢) قرأ بذلك ابن عباس وابن عمر وابن جبير وعطاء بن السائب والضحاك وزيد بن أسلم وابن أبي إسحاق ومسلم بن يسار والحسن وابن المسيب وقتادة وأبو رجاء. البحر المحيط ٣/ ٣٨٢.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٠٠ (٦١٦٩) من طريق أبي صالح به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٧ إلى ابن المنذر.
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س.
(٦) في ص، م: "من القول".