للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قَتادةَ قولَه: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا﴾: عذَر اللهُ المظلومَ كما تَسْمَعون أن يَدْعُو.

حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا أبو عُبيدٍ، قال: ثنا هُشَيمٌ، عن يونُسَ، عن الحسنِ، قال: هو الرجلُ يَظْلِمُ الرجلَ، فلا يَدْعُ عليه، ولكن لِيَقُلْ: اللهم أعِنِّي عليه، اللهم اسْتَخْرِج لى حقِّى، اللهم حُلْ بينى (١) وبينَ ما يُرِيدُ، هذا ونحوُه من الدعاءِ (٢).

فـ"مَن" على قولِ ابن عباسٍ هذا في موضعِ رفعٍ؛ لأنه وجَّهه إلى أن الجهرَ بالسوءِ في معنى الدعاءِ، واسْتُثْنِى المظلومُ منه، [فكان معنى الكلامِ - على قوله -: لا يُحِبُّ اللهُ أن يَجْهَرَ بالسوءِ من القولِ إلا المظلومٌ] (٣) فلا حرجَ عليه في الجهرِ به.

وهذا مذهبٌ يراه (٤) أهلُ العربيةِ خطأً في العربيةِ، وذلك أن "مَن" لا يَجوزُ أن يَكونَ رفعًا عندَهم بالجهرِ؛ لأنها في صلةِ أنْ، ولم (٥) يَنَلْه الجَحْدُ، فلا يجوزُ العطفُ عليه. [مِن خطأٍ] (٦) عندَهم أن يُقالَ: لا يُعْجِبُنى أن يقومَ إلا زيدٌ.

وقد يَحْتَمِلُ أن تكونَ مَن نصبًا على تأويل قولِ ابن عباس، ويكون قولُه: ﴿لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ﴾. كلامًا تامًّا، ثم قيل: ﴿إِلَّا مَنْ ظُلِمَ﴾. فلا


(١) في م: "بينه".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٠١ (٦١٧١) من طريق إسماعيل بن مسلم، عن الحسن بمعناه. وذكره ابن كثير ٢/ ٣٩٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٧ إلى ابن المنذر.
(٣) سقط من: الأصل.
(٤) في الأصل: "قرأه".
(٥) في م: "أن لم".
(٦) في الأصل: "بمن خطأ"، وفى م: "من الخطأ".