للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ﴾: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثناؤُه إنما خلَق هذه النجومَ لثلاثِ خصالٍ؛ خلَقها زينةً للسماءِ الدنيا، ورجومًا للشياطينِ، وعلاماتٍ يُهْتَدى بها، فمَن يتأوَّلُ فيها غيرَ ذلك فقد قال برَأْيِه، وأَخْطَأ حظَّه، وأضاع نصيبَه، وتكلَّف ما لا عِلْمَ له به (١).

وقولُه: ﴿وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: وأَعْتَدْنا للشياطينِ في الآخرةِ عذابَ السعيرِ، تُسْعَرُ عليهم فَتُسْجَرُ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٦) إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا وَهِيَ تَفُورُ (٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ﴾ الذي خلَقهم في الدنيا، ﴿عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ في الآخرةِ، ﴿وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾. يقولُ: وبِئْسَ المصيرُ عذابُ جهنمَ.

وقولُه: ﴿إِذَا أُلْقُوا فِيهَا﴾. يعني: إذا أُلْقِي الكافرون في جهنمَ، ﴿سَمِعُوا لَهَا﴾. يعني لجهنمَ، ﴿شَهِيقًا﴾. يعني بالشَّهِيقِ الصوتَ الذي يَخْرُجُ مِن الجوفِ بشدَّةٍ كصوتِ الحمارِ، كما قال رُؤْبةُ في صفةِ حمارٍ (٢):

حَشْرَجَ في الجَوْفِ سَحِيلًا أَوْ شَهَقْ

حَتَّى يُقَالَ نَاهِقٌ ومَا نَهَقْ


(١) أخرجه أبو الشيخ في العظمة (٧٠٦) من طريق يزيد به، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩١٣ من طريق سعيد به، وأخرجه عبد بن حميد في تفسيره - كما في التغليق ٣/ ٤٨٩ - والخطيب البغدادي في كتاب النجوم - كما في الدر المنثور ٣/ ٣٤ - ومن طريقه الحافظ في التغليق ٣/ ٤٨٩ - من طريق شيبان، عن قتادة. وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى عبد الرزاق. وتقدم في ١٤/ ١٩٣.
(٢) تقدم في ١٢/ ٥٧٦، ٥٧٧.