للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: الذى دلَّ على أن ذلك كذلك قولُه: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾. وغيرُ جائزٍ أن يكونَ مِن القرآنِ شيءٌ خيرًا مِن شيءٍ، لأنَّ جميعَه كلامُ اللهِ، ولا يجوزُ في صفاتِ اللهِ تعالى ذِكرُه أن يقالَ: بعضُها أفضلُ مِن بعضٍ، أو (١) بعضُها خيرٌ مِن بعضٍ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٦)﴾.

يعنى جل ثناؤه بقولِه: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾: ألم تَعْلَمْ يا محمدُ أنى قادرٌ على تعويضِك ممَّا نسَختُ مِن أحكامي، وغيَّرْتُه مِن فرائضِى التى كنتُ افتَرضْتُها عليك، ما أشاءُ ممَّا هو خيرٌ لك ولعبادى المؤمنين معك، وأنفعُ لك ولهم، إمَّا عاجلًا في الدنْيا، وإمَّا آجِلًا في الآخرةِ، أو بأن أبدِّلَ لكَ ولهم مكانَه مثلَه في النفعِ لهم، عاجلًا في الدنْيا وآجلًا في الآخِرَةِ، وشَبيهَه في الخِفَّةِ عليك وعليهم؟ فإنى -فاعلَمْ يا محمدُ- على ذلك وعلى كلِّ شيءٍ قديرٌ.

ومعنى قولِه: ﴿قَدِيرٌ﴾. في هذا الموضعِ: قَوىٌّ. يقالُ منه: قد قدَرْتُ على كذا وكذا -إذا قوِيتَ عليه- أقدِرُ عليه، وأَقْدُرُ عليه، قُدْرَةً وقِدْرانًا ومَقْدِرَةً. وبنو مُرَّةَ مِن غَطَفَانَ تقولُ خاصةً (٢): قدِرتُ عليه. بكسرِ الدالِ.

فأمَّا مِن التقديرِ مِن قولِ القائلِ: قدَرتُ الشيءَ. فإنه يقالُ منه: قدَرتُه أقْدُرُه قَدْرًا وقدَرًا.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (١٠٧)﴾.


(١) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "و".
(٢) سقط من: م.