للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شطرَه (١) المُتوجِّهُ (٢) - واحدةٌ؛ لأنَّ الذى على المتوجِّهِ شطرَ البيتِ المقدَّسِ مِن مُؤْنةِ تَوجُّهِه شطرَه، نَظِيرُ الذى على بدنِه (٣) من (٤) مؤنةِ توجُّههِ شطرَ الكعبةِ سواءٌ. فذلك هو معنى المِثْلِ الذى قال جل ثناؤُه: ﴿أَوْ مِثلِهَا﴾.

وإنما عَنَى جل ثناؤُه بقولِه: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾: ما نَنْسَخْ مِن حكمِ آيةٍ أو نُنْسِه. غيرَ أن المُخَاطبين بالآيةِ لمَّا كان مفهومًا عندَهم معناها، اكتَفى بدَلالةِ ذكرِ الآيةِ مِن ذِكْرِ حُكْمِها. وذلك نظيرُ سائرِ ما ذَكَرنا مِن نظائرِه فيما مَضَى مِن كتابِنا هذا، كقولِه: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾. بمعنى: حُبَّ العجلِ. ونحوِ ذلك (٥).

فتأويلُ الآيةِ إذن: ما نُغيِّرْ مِن حُكْمِ آيةٍ فنُبَدِّلْه، أو نَتْرُكْه فلا نُبَدِّلْه، نَأْتِ بخيرٍ لكم منه (٦) -أيها المؤمنون- حُكْمًا منها، أو مِثْلِ حُكْمِها، في الخِفَّةِ والثِّقَلِ، والأجرِ والثوابِ.

فإن قال قائلٌ: فإنا قد عَلِمنا أن العِجْلَ لا يُشْرَبُ (٧) القلوبَ، وأنه لا يَلْتَبِسُ على مَن سمِع قولَه: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾. أن معناه؛ وأُشْرِبوا في قلوبِهم حبَّ العجلِ. فما الذى يَدُلُّ على أنَّ قولَه: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا﴾ لذلك نظيرٌ؟


(١) في ت ٢: "الشطر"، وفى ت ١، ت ٣: "شطره".
(٢) سقط من: م.
(٣) في، ٢: "يده"، وفى ت ١، ت ٣: "يديه".
(٤) بعده في ت ١، ت ٢، ت ٣: "نظير".
(٥) ينظر ما تقدم في ص ٢٦٥، ٢٦٦.
(٦) زيادة من: الأصل.
(٧) بعده في م: "في".