للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والهاءُ والألفُ في قولِه: ﴿فِيهَا﴾. مِن ذكرِ الصَّفقةِ، ولكن اكْتُفِى بدَلالةِ قولِه: ﴿قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ﴾. عليها مِن ذكرِها؛ إذ كان معلومًا أن الخُسرانَ لا يكونُ إلا في صفقةِ بيعٍ قد خَسِرَت (١).

وإنما معنى الكلامِ: قد وُكِس الذين كذَّبوا بلقاءِ اللَّهِ، ببيعِهم الإيمانَ الذي يَسْتَوْجِبون به مِن اللهِ رِضوانه وجنتَه، بالكفرِ الذي يَسْتَوْجِبون به منه سَخَطَه وعقوبتَه، ولا يَشْعُرون ما عليهم مِن الخُسْرانِ في ذلك حتى تَقومَ الساعةُ، فإذا جاءَتهم الساعةُ بَغْتَةً، فرأَوْا ما لَحقِهم مِن الخُسْرانِ في بيِعهم، قالوا حينَئذٍ تندُّمًا: ﴿يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿يَاحَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾: أما ﴿يَاحَسْرَتَنَا﴾: فنَدامتُنا، ﴿عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا﴾ فضيَّعْنا مِن عملِ الجنةِ (٢).

حدَّثنا محمد بن عُمارة الأسَديُّ، قال: ثنا يزيدٌ بن مِهْرانَ، قال: ثنا أبو بكرِ بنُ عَيَّاشٍ، عن الأعمشِ، عن أبي صالحٍ، عن أبي سعيدٍ، عن النبيِّ في قولِه: ﴿يَاحَسْرَتَنَا﴾. قال: " يَرَى أهلُ النارِ منازلَهم مِن الجنةِ فيَقُولون: يا حسْرتنا" (٣).


(١) في ص، ت ١: "جرت".
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٨١ (٧٢٢٦) من طريق أحمد بن المفضل به مقتصرًا على آخره.
(٣) أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد ٣/ ٣٨٩ من طريق داود بن مهران - بدلا من يزيد بن مهران - به. وذكره ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٨٠ معلقا عن الأعمش به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩ إلى الطبراني وأبى الشيخ وابن مردويه.